مفهوم الهندسة الطبية الحيوية

 

 

الغرض من هذه المقالة هو عرض الخطوط العريضة لمفهوم ينطبق على الهندسة الطبية الحيوية وتأثيرها وانعكاساتها على قطاع الرعاية الصحية بشكل عام، على الرغم من أن المبادئ تتطلب مزيدًا من التفصيل والشرح والدراسات المتخصصة في هذا المجال.

تُعرف الهندسة الطبية الحيوية بأنها: «تطبيق المفاهيم الفيزيائية والهندسية على المجالات الطبية»، وتشمل هذه التطبيقات كلا من الوقاية، التشخيص والعلاج، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

إلا أن هذا التعريف يقتصر على الأجهزة والمعدات الطبية فقط. بل تتجاوز تطبيقات الهندسة الطبية الحيوية إلى المعلومات الطبية، وتصميم المستشفيات، وإدارة المرافق الطبية وصيانتها، وغيرها من مجالات التطبيقات الداعمة في مجال الرعاية الصحية.

علاوة على ذلك، فهي مجال متنوع ومتعدد التخصصات بشكل استثنائي، ومن الأمثلة على ذلك التصوير الطبي، وتحليل الإشارات البيولوجية، والأجهزة التعويضية، والأدوات الجراحية، وهندسة إعادة التأهيل، وهندسة الخلايا والأنسجة، والمواد الطبية الحيوية، والكهرومغناطيسية الحيوية، وأجهزة الاستشعار وأجهزة الاستشعار، وتوصيل الأدوية. والنمذجة الفسيولوجية والتأثيرات البيولوجية وغيرها من الكثير مما لا يتسع المجال لذكره وشرحه في هذه المقالة الموجزة.

أثبتت العديد من الدراسات والأبحاث التي أجريت مؤخراً الدور المهم الذي يلعبه المهندس الطبي في تطوير وصناعة الأجهزة والمعدات الطبية، وكذلك في تحسين جودة الرعاية الصحية.

أصبح التعريف الدقيق لمفهوم الهندسة الطبية الحيوية وتطبيق مبادئها وتقنياتها على الصناعات والخدمات الطبية مسألة حيوية وهامة، لما لذلك من أثر علمي واقتصادي واجتماعي وتقني على جودة الرعاية المقدمة من قبل القطاعين الخاص والعام في مراحل الوقاية والتشخيص والعلاج.

أشعر بالإحباط والحزن عندما أرى الجهل أو الإهمال لأهمية تطبيق هذه المفاهيم على أرض الواقع، وأتعجب من إهمال الاستثمار في مجال الأجهزة والمعدات الطبية سواء من الناحية العلمية أو الصناعية، رغم العوائد الكبيرة والعوائد الفنية والمادية في مجال الأجهزة والمعدات الطبية، والانعكاس الاقتصادي والصحي على جودة الخدمات الصحية التي تقدمها الدولة.

إن تعقيد مبادئ وصناعة الأجهزة والمعدات الطبية ليس أكبر من تعقيد العلوم الهندسية والصناعية الأخرى، لكنه يتفوق على كثير من الصناعات في حاجتها اليومية المستمرة وأهميتها في الجانبين العلمي والصناعي.

ولا تقتصر جاذبية الاستثمار في الأجهزة والمعدات الطبية على الأجهزة الكبيرة والمعقدة فقط، بل على تعددها وتنوعها في مختلف التطبيقات الطبية التشخيصية والعلاجية.

علاوة على ذلك، فإن الميزانيات المطلوبة للاستثمار في الهندسة الطبية الحيوية، مقارنة بالقطاعات الصناعية الأخرى التي تتطلب ميزانيات فلكية، هي كبيرة نسبيا نوعاً ما، ولكنها بعيدة عن أن تكون فلكية، وبلادنا ولله الشكر والحمد، في الواقع، لديها سوابق كثيرة، لمثل هذه الاستثمارات الضخمة في البتروكيماويات، الخدمات الإلكترونية، الصناعة، والطاقة. وغيرها من المشاريع الوطنية العملاقة التي أصبحت فخراً وطنياً لنا.

لذلك فإن الهندسة الطبية الحيوية هي مجال شامل يتجاوز مجرد تطوير الأجهزة والمعدات الطبية، حيث يشمل تصميم وإدارة المستشفيات، وتطبيق تكنولوجيا المعلومات في المجال الطبي، وصيانة الأجهزة الطبية، بالإضافة إلى التخصصات الهندسية المختلفة مثل التصوير الطبي والرعاية الطبية الشاملة، بالإضافة إلى هندسة الخلايا والأنسجة.

ولذلك فإن الاستثمار في قطاع الهندسة الطبية الحيوية يلعب دوراً كبيراً في الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي والعلاجي، حيث يمكنه أن يساهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وتطوير الصناعات الطبية والعلاجية. على الرغم من أن أهمية هذا المجال تحتم على القطاعين العام والخاص تبني مفهوم الهندسة الطبية الحيوية والاستثمار فيه بشكل أكبر لتحقيق رفاهية المواطنين وتحسين الرعاية الصحية في الدولة، فضلاً عن المساهمة في الناتج القومي. لذا يجب إجراء المزيد من الدراسات والأبحاث لتطوير هذا المجال وتعزيز قدرات مهندسي الطب الحيوي في الدولة والاستثمار في هذا المجال بشكل أكثر انتقائية ليتوافق مع توجهات الرؤية السعودية وأهدافها المستقبلية.

الدكتور علي العنزي

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA