يُــعــد الشّعر موروثًا عربيًا ذا قيمة وأهمية منذ القدم، وهو فخر العرب وديوانهم، وكانت العرب إذا نبغ فيهم شاعر تحتفل به، وتعده لسانها لأهميته ودوره البارز الذي سيقوم به تجاه قبيلته من دفاعه عنهم وحفظه لمآثرهم ونحو ذلك. وفي صدر الإسلام حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على قول الشّعر مما يوحي بمدى تأثيره على النفس وذلك في مقولته المشهورة لحسان بن ثابت «... اهجهم فإن روح القدس معك..» أو كما قال صلى الله عليه وسلم. مما يدل على أهمية الشعر وتأثيره ودوره وكأن وقع التعبير بالشعر أشد من وقع السيوف عليهم. احتل الشعر العربي قديمًا منزلة عظيمة، وما زالت لتلك المنزلة مكانةً بارزة ورائدة تجسده قصائد الكثير من الشعراء، ويتلقاه الأدباء والمهتمون بالشعر؛ حيث يتصدر المحافل والمناسبات، وقد يتداول في بعض الجلسات بشتى الصور.
انطلاقًا من المكانة التي يحظى بها الشعر والشعراء أطلقت حكومة خادم الحرمين الشريفين «عام الشعر العربي 2023» احتفاءً بهذا الموروث العربي وقيمته في الحضارة العربية وكذلك قيمته الجوهرية في الثقافة العربية؛ تعزيزاً لدوره في العالم العربي على وجه العموم والجزيرة العربية على وجه الخصوص؛ إذ تُـعد الجزيرة العربية موطنًا للشعر والشعراء ومصدرًا، فذًا لعددٍ كبيرٍ منهم إلى جانب الأعمال الأدبية ذات العلاقة؛ مما جعلهم يحظون بعناية فائقة من لدن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، بالرعاية والاهتمام؛ لارتباطهم باللغة العربية كونها لغة القرآن الكريم. فالشعر موروث عربي يستحق الاهتمام والاحتفاء والتشجيع؛ لمكانته في قلوب الكثير ممن يتذوق الشعر، أو يستهوي سماعه، والشعر نال دعمًا منذ القدم وما زال كذلك، وتسمية عام 2023 «بعام الشعر «أكبر دليل على ذلك، وما تلاه من إقامة مؤتمر دولي يُـبرز لنا مكانته ومدى الاهتمام المنوط به، مما يسهم في تنشيط دور الشعراء والتنوع في أغراضهم الشعرية.
وقد ثمن صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله الفرحان، وزير الثقافة، موافقة مجلس الوزراء على تسمية عام 2023م بـ “عام الشعر العربي». إذ قال سموه:» إن الاعتزاز بالهوية الوطنية وبما يرتبط بها من عناصر ثقافية يُـعد من المستهدفات الأساسية التي تعمل على تنفيذها وزارة الثقافة؛ تحقيقـاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030 التي جعلت من إبراز الهوية الوطنية والثقافية السعودية ضمن مستهدفاتها الطموحة». وأكد سموه: «أن مبادرة عام الشعر العربي ستكون مظلة جامعة لكل مظاهر الاحتفاء بهذا المكوّن الرئيس في الثقافة العربية عموماً والـثــقـافـــة السعودية خصوصًا، مشيراً سموه إلى أن الساحة الشعرية في المملكة والوطن العربي تتمتع بازدهارٍ لا ينضب، وبقبول واحتفاء من الجمهور، ويأتي «عام الشعر»؛ ليعزز ويدعم وجود الشعر العربي وتأثيره». وأكد سموه: أنّ «بلادنا أرض الشعراء الذين خلدت مسيرتهم في تاريخ العرب منذ القدم، ســواء شعراء ما قبل الإسلام، أو شعراء عصر صدر الإسلام وما بعده، فالشعر اقترن بالعرب وبثقافتهم، وشكل مصدرًا للوثائق التاريخية التي اعتمد عليها المؤرخون والباحثون لرصد الأحداث التاريخية، ومنه المعلقات الشعرية العشر التي ظل العرب يتناقلونها حتى وقتنا الحاضر». ولم يكن الإبداع السعودي ــــ الشعراء السعوديين ــــ غائبـًا عن الساحة، فلقد أكد سموه على أنّ إبداع الشعراء السعوديين يأتي امتداداً تجربة أدبية أصيلة ذات عمق تاريخي كبير. وتزهو جامعة الملك سعود فخرًا بإقامة هذا المؤتمر ورعايته ممثلة في قسم اللغة العربية في الجامعة؛ نظًرًا للعلاقة الوثيقة بين الشعر وقسم اللغة العربية حيث استجاب قسم اللغة العربية بإقامة المؤتمر الدولي الرابع، الموسوم «عام الشعر العربي 2023: أصالة الإرث وعالمية الأثر»، والذي يقام في رحابها يومي الاثنين والثلاثاء 10-11/ من شهر رجب/ 1445هـ، المتضمن عدة محاور متنوعة الطرح والجوانب المتفرعة؛ مما قد يتيح لطلاب العلم والعلماء والأدباء والمهتمين بهذا الجانب تناول هذه الأوراق بالنقاش المثمر والاستفادة منها قدر الإمكان.
الدكتور فيصل بن محمد المطيري
قسم اللغة العربية
إضافة تعليق جديد