إن مفهوم المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة للمنشآت مرتبطان ارتباطاً وثيقاً فالحديث عن منشأة مسؤولة اجتماعياً يعني الحديث عن منشأة تأخذ بعين الاعتبار التنمية المستدامة في أبعادها الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية دون تفضيل، كما يرى الاتحاد الأوروبي أن المسؤولية الاجتماعية للمنشآت هي نتيجة طبيعية لتطبيق التنمية المستدامة.
المسؤولية الاجتماعية من المفاهيم الحديثة في الوطن العربي، وهي من أهم وسائل تطور وتقدم المجتمع، وتعد أحد مبادرات رؤية المملكة 2030 لتعزيز برامج التنمية الاجتماعية وتفعيل دورها في تحقيق الاستدامة لبناء مجتمع حيوي ووطن طموح واقتصاد مزدهر، واستجابة لقرار مجلس الوزراء في هذا الصدد بأن يكون الثالث والعشرين من شهر مارس من كل عام يوم للمسؤولية الاجتماعية في المملكة وقد تم إطلاق تقرير المسؤولية الاجتماعية الأول لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية بعنوان «20 عاماً من الأثر المجتمعي» أيضاً تم إقامة اللقاء الثالث للمسؤولية الاجتماعية 2023 والذي ركز على أهداف التنمية المستدامة بالمملكة ويعزز من دورها في استخدام الأساليب الهندسية التي تساهم في الاستدامة للمشاريع واعتمادها على المصادر الطبيعية وتقليل التلوث وتحسين المظهر الحضاري ورفع جودة الحياة.
وقد اكتسبت المسؤولية المجتمعية بعداً دولياً بعد صدور الميثاق العالمي للأمم المتحدة عام 2000
ويمكن تعريفها بأنها التزام بتقديم الدعم للبرامج والأنشطة الاجتماعية لأفراد المجتمع بشكل غير ربحي من قبل شركات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وبناء شراكة فاعلة بين هذين القطاعين لتبني مبادرات المسؤولية الاجتماعية والعمل على تحقيقها واستدامتها، حيث أن للمسؤولية الاجتماعية دور مهم في تحقيق التنمية المستدامة من خلال خلق فرص عمل مناسبة، وتعزيز روح المشاركة والتعاون بين الفرد والمجتمع، والاستغلال الأمثل للكوادر البشرية واستثمارها.
ويمكن القول انها المساهمة الاختيارية لمنشآت في التنمية المجتمعية من خلال تقديم مساهمات نقدية أو عينية، خدمات أو منتجات لتنفيذ المشاريع والبرامج التنموية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وأود التركيز على أربع جوانب مهمة للمسؤولية الاجتماعية وهي كالتالي: أولا الجانب التعليمي، ثانيا الجانب الصحي، ثالثا الجانب الاجتماعي، رابعا الجانب الاقتصادي.
وهناك أبعاد للمسؤولية الاجتماعية وهي كالتالي: 1)البعد الاقتصادي، 2) البعد الاجتماعي، 3) البعد البيئي.
وهناك بعض الأسباب التي تضعف دور المسؤولية الاجتماعية يمكن إيجازها في التالي: قلة كوادر العاملين فيها، عدم وجود برامج تدريبية متخصصة في المسؤولية الاجتماعية، عدم وجود مراكز تؤهل متخصصين في المسؤولية الاجتماعية، قلة الدراسات والبحوث في مجالها، ضعف الدور الإعلامي في ابراز أنشطتها وبرامجها، وأهم من ذلك قلة الوعي والاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية.
التنمية المستدامة هي التي تأخذ بعين الاعتبار هذه الأبعاد لتحسين استغلال الموارد المتاحة لتلبية احتياجات الأفراد مع الاحتفاظ بحق الأجيال القادمة في الثروات الطبيعية.
وفي مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية الذي عقد في عام 1992 اشترك فيه أكثر من 100 دولة اعتمد جدول أعمال القرن 21 وهي خطة لتحقيق التنمية المستدامة في القرن 21، وأن مفهوم التنمية المستدامة بدأ ينتشر ويتطور كثيرا في السنوات الأخيرة، ويعد من صميم أعمال المنشآت المهتمة بالمسؤولية الاجتماعية.
اعتمدت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2015 أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، والتي تعرف باسم الأهداف العالمية وعددها 17 هدف تغطي البعد البيئي والاقتصادي والاجتماعي.
وأهم ما يميز أهداف التنمية المستدامة أنها تركز على توحيد الشعوب لإحداث تغيير إيجابي للعالم أجمع.
ويمكن استنتاج أن المسؤولية الاجتماعية للمنشآت هي نموذج لتعزيز المساهمة في التنمية المستدامة من خلال ركائز التنمية نفسها والمتمثلة في الحفاظ على التوازن بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والحفاظ على البيئة ،إذا هناك علاقة وثيقة بين التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية، حيث يمكن تحقيق التنمية المستدامة من خلال ممارسات المسؤولية الاجتماعية، والعكس قد تكون التنمية المستدامة هي السبيل لتحقيق المسؤولية الاجتماعية.
د. منى عبدالله السمحان
كلية العلوم الإدارية والإنسانية
إضافة تعليق جديد