يوم التأسيس يوم يحتفي فيه أبناء هذا الوطن بالعمق التاريخي والحضاري لدولتهم، وبالإرث الثقافي المتنوع، كما أنه يوماً للوفاء لمن أسهم في خدمة هذا الوطن من الأئمة والملوك والمواطنين. بدأ تأسيس هذا الكيان المبارك، الدولة السعودية، أدام الله عزها، منذ ثلاثة قرون، وهي البداية التي تولى فيها الإمام محمد بن سعود إمارة الدرعية في منتصف سنة 1139هـ الموافق ليوم 22 فبراير 1727م، حيث قام بجهود كبيرة للتغلب على التحديات الداخلية والخارجية التي فرضتها الأوضاع الاستثنائية في الدرعية آنذاك، وتمكن بحنكته وبراعته من إرساء قواعد الأمن والاستقرار في الدرعية وما حولها بإقليم العارض، وأصبح لديه مشروع يسعى إلى تحقيقه، وهو تأسيس دعائم كيان سياسي موحد يجمع شتات الإمارات والبلدان والقبائل في منطقة نجد وخارجها، وتوحيد الجزيرة العربية تحت حكمه لأول مرة منذ بواكير الدولة الإسلامية. وقد مر تاريخ هذه الدولة السعودية المباركة بعدد من المحطات التاريخية البارزة والمحورية، أهمها تأسيس إمارة الدرعية في سنة 850هـ الموافق لسنة 1446م، وذلك في عهد جد الأسرة السعودية مانع بن ربيعة المريدي، ثم تلاها تأسيس الدولة السعودية الأولى سنة 1139هـ الموافق لسنة 1727م، على يد الإمام محمد بن سعود، ثم تأسيس الدولة السعودية الثانية في سنة 1240هـ الموافق لسنة 1824م على يد الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، ثم تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز في سنة 1319هـ الموافق 1902م، ثم توحيد المملكة العربية السعودية في سنة 1351هـ الموافق 1932م، وفي هذه الأحداث التاريخية الفارقة دلالة على عمق هذا الكيان وعظمته وجذوره الضاربة في أعماق التاريخ. وقد انطلقت هذه الدولة المباركة من أسس ثابتة لم تحد عنها طوال تاريخها، وهي تحكيم الشريعة الإسلامية، ودستورها القرآن الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتأسيس دولة قوية موحدة لها مكانتها على المستويين المحلي والدولي، وتسعى إلى ترسيخ الأمن والعدل في ربوع الجزيرة العربية. ولهذا كانت القيادة الرشيدة، كما هو العهد بها دائماً، تعتز وتفخر بتاريخ هذه الدولة وجذورها الراسخة، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –يحفظه الله- أمراً ملكياً باعتبار يوم 22 فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم (يوم التأسيس)، وأن يصبح إجازة رسمية. وقد جاء هذا الأمر الملكي «اعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة، وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون». ولا شك أن هذا اليوم يعد ذكرى وطنية، ومفخرة يعتز بها كل مواطن، حيث يستحضر فيها الجيل الحالي تضحيات الآباء والأجداد، وما كابدوه من جهود وتحديات في سبيل بناء دعائم هذا الوطن الذي يمتد تاريخه إلى أكثر ثلاثمائة عام، تقف أحداثها شاهدة على العمق التاريخي والثقافي والحضاري للدولة السعودية.
أ.د. نايف بن ثنيان آل سعود
المشرف العام على مركز الملك سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها
إضافة تعليق جديد