مبادرات التمريض: ماذا ينقصها لتثمر؟

 

 

تواجة مهنة التمريض عالميًا عجزًا في أعداد الممرضين، لذا تحاول كل دولة جاهدة وضع الأطر الصحيحة لمعالجة هذه المشكلة.

لكن لا يوجد دولة في العالم سعت جديًا إلى دعم المهنة كما حظيت به مهنة التمريض في بلدنا العزيز من دعم، لذلك كان «زيادة جاذبية العمل في مهنة التمريض» أحد أهداف رؤوية المملكة 2030 .

ولتحقيق هذا الهدف تم إطلاق برنامج «سمو ولي العهد - حفظه الله - لدعم مهنة التمريض» والذي انبثقت منه عدة مبادرات لعل أهمها:-  برنامج تسريع بكالوريوس التمريض، ومبادرة زيادة الطاقة الاستيعابية لبرامج التمريض، وعدة مبادرات أخرى يجري العمل عليها حاليًا من جهات مختلفة لتقليل الانكشاف المهني في التمريض.

  كل هذا يدل على اهتمام جميع المعنيين بالمهنة وبتوجيه ومتابعة من الجهات العليا في الدولة - رعاها الله -، لكن من المهم عدم استعجال النتائج المرجوة مما قد يؤدي إلى ارتكاب أخطاء تقلل من تحقيق مستهدفات البرنامج. فنتائج هذا البرنامج ستأتي بإذن الله مع وجود هذا الدعم السخي الذي توليه الدولة لمهنة التمريض.

ولكي تتم الاستفادة القصوى من هذا الدعم، يتحتم علينا زيادة تنسيق هذه المبادرات لتؤتي ثمارها، وحتى لاتتعارض مع بعضها البعض. و عليه فإنه من الضروري الإستفادة من لجنة عمداء كليات التمريض كجهة استشارية بحكم علاقتها بشكل مباشر وغير مباشر بجميع المبادرات. وأن يكون للعمداء دور في جميع هذه المبادرات من خلال مايلي:-

أولا: إشراك اللجنة في العمل والتحضير لهذه المبادرات، لأن الدور الرئيسي للجنة هو استشاري فقط، فدورها يتم قبل اكتمال هذة المبادرات وليس بعده، لأنه بعد اكتمال عمل المبادرات يتبقى التنفيذ، والتنفيذ ليس من صلاحية لجنة العمداء بل هو خاضع للإجراءات المتبعة في كل جامعة وبما يتماشى مع توجه الدولة - رعاها الله - باستقلالية الجامعات لخلق بيئة تنافسية فيما بينها .

لذا فإن إشراك اللجنة في تحضير هذة المبادرات يضمن توافق المبادرة مع الإمكانيات والاحتياجات والأنظمة المعمول بها  في الجامعات مما يسهل تنفيذ هذه المبادرات وعدم اصطدامها بواقع مغاير لما تم العمل عليه في هذه المبادرات. كما أن عدم الاستفادة من استشارة لجنة العمداء في هذة المبادرات يجعل دور اللجنة محدودًا جداً وذلك بمناقشة هذه المبادرات بعد اكتمالها مع عدم إمكانيه التعديل عليها كثيرًا.

ثانيا: وجود تمثيلًا للمتخصصين في جميع اللجان التي تعمل على هذه المبادرات، وأن يكون مستوى التمثيل معتبرًا، بسبب أن القرارات في هذه اللجان تتخذ بالأغلبية، فمن المفيد أن يمثل الممرضين الأغلبية في هذه اللجان حتى نضمن ملاءمة المبادرات للتخصص، ولكي يتم زيادة التنسيق مع لجنة العمداء، وبناءً عليه يتم إشراك لجنة العمداء في التحضير والعمل على هذه المبادرات.

ثالثا: توحيد إطلاق هذه المبادرات ليتم العمل عليها مرة واحدة، بسبب أن التعديل على الخطط الدراسية أو تطبيقها يحتاج إلى موافقة عدة جهات داخل الجامعة وخارجها، إضافةً إلى ذلك فإن عددًا من البرامج قد حصلت على الاعتماد المحلي أو الدولي أو كليهما وأي تعديل على هذه البرامج قد يحتاج إلى موافقة جهات الاعتماد، بل ربما قد تُرفض بعض التعديلات. بالأضافة الى أن كثرة التعديل على الخطط الدراسية يؤثر سلبًا على استقرارها في برنامج البكالوريوس بسبب تعدد مصادر هذه المبادرات واختلاف مواعيد إطلاقها. فبمجرد الإنتهاء من العمل على تنفيذ مبادرة قائمة على أرض الواقع تستجد مبادرة أخرى قد تتعارض مع سابقاتها. وعلى سبيل المثال:- تهدف مبادرة تسريع بكالوريوس التمريض إلى سرعة تخريج الممرضين في أقصر مدة ممكنة بما يتوافق مع الأنظمة واللوائح، بينما نجد أن هناك مبادرات قد تطلب زيادة في عدد المقررات الدراسية عن الموجود حاليًا وفي هذا تعارض واضح ، لذا فإن إشراك لجنة العمداء في تنسيق هذة المبادرات وموعد إطلاقها يزيد من فرص نجاحها وبشكل كبير لعدة أسباب منها:- تظافر الجهود، وتمكين عرض جميع الآراء في قوالب يسهل ترتيبها، والاستفادة منها مستقبلًا، ومراجعتها للتأكد من تناغمها مع ما سبق من مبادرات.

وأخيراً فإنه من الضرورة القصوى أن تتزامن المبادرات الأكاديمية مع مبادرات مهنية تلامس احتياجات المهنة وتزيد من جاذبية مهنة التمريض وذلك لأن إطلاق المبادرات الأكاديمية مثل:- تسريع تخريج بكالوريوس التمريض، أو زيادة الطاقة الاستيعابية لبرامج التمريض يتطلب مبادرات مهنية مكملة لها تجعل المهنة أكثر جاذبية على غرار تحسين سلم الأجور، زيادة الحوافز والمكافأت خصوصًا مرحلة الامتياز، وغيرها من المبادرات المهنية التي يمكن مناقشتها مع ذوي العلاقة والاختصاص مثل:- إدارة التمريض بوزارة الصحة, مدراء التمريض في المناطق، مدراء التمريض في التجمعات الصحية ...إلخ. و نحن هنا لا ندّعي عدم وجود مثل هذه المبادرات، بل لا يخفى على الجميع مشروع تعزيز جاذبية مهنة التمريض والذي كان أحد مبادرات التحول الوطني لوزارة الصحة. لكن من الضروري إطلاق هذه المبادرات المهنية بالتوازي مع المبادرات الأكاديمية لزيادة جاذبية المهنة والتقليل من الإنكشاف المهني في التمريض بشكل فعال.

د. حمود عوض الحربي

عميد كلية التمريض

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA