تعليم التفكير بين الأهمية والتعقيد..!!؟

 

 

من البديهي عند الحكم على مقولة ما حضور الانطباع الاولي عن هذه المقولة سواءً بالموافقة او الرفض، ثم تُستخدم بعد ذلك المهارات الفكرية لدعم هذا الحكم، وهو ما أشار اليه دي بونو (1989) كأحد أخطاء التفكير بجانب عدم وجود الإدراك الكافي للحكم على الحجة. والحكم الأولي على مقولة أن (95% من الناس لا تفكر) هو بعدم الموافقة. ويُبرر ذلك باعتبار التفكير من أهم الخصائص التي تميز الانسان عن غيره من المخلوقات، وبالتالي الجزم بعدم التفكير يعني سلب مهارة التفكير من الناس، وعدم قدرتهم على التفكير في مشاكلهم وحلها، خاصة وأن النسبة كبيرة جدًا؛ أي ما يعادل جميع الناس باستثناء 5% منهم. وهذا أمر غير منطقي. وقد تكون نتيجة إحصائية في بحث علمي لعينة تمثل مجتمع ما. ونعرض هذه المقولة لنبرز أهمية تعليم التفكير (Teaching Thinking)ومهاراته بمختلف تصنيفاتها وتطبيقاتها في نظامنا التعليمي السعودي رغم العديد من الصعوبات.

يدعم أهمية تعليم التفكير هو تضمين مهارات التفكير ضمن بنية معايير مناهج التعليم العام في المملكة العربية السعودية (2022). وتنبع أهمية هذه المهارات من كونها الوسائط التي تساعد المتعلم في الانتقال من معرفة إلى معرفة جديدة. ونستشهد هنا بالولايات المتحدة الأمريكية عندما اتخذت قرارًا بتدريس مهارات التفكير العليا في تعليمها بعد صدور تقرير أمة في خطر من بعض التربويين في عام 1982م الذي أشار إلى وجود تأخر في التعليم الأمريكي بسبب مشاكل في عمليات التفكير. وعندما أقر النظام التعليمي الأمريكي تدريس هذه المهارات تطور النظام التعليمي في الولايات المتحدة الأمريكية، وقادت بعد ذلك العالم في شتى المجالات، وأصبحت نبراسًا للتربية أنار شتى أنحاء العالم. وأصبحت العديد من الدول الغربية والعربية والخليجية تطبق هذا النظام وتأخذ مما ينتجه علمائه ومفكريه ومنظريه من نظريات ونماذج واستراتيجيات في تعليمها.

ومن مبررات أهمية تعليم مهارات التفكير في مؤسساتنا التربوية محاولة معالجة بعض المفاهيم الخاطئة التي لا تستطيع أن تعالجها طرق التدريس. فعلى سبيل المثال يستطيع الطلاب أن ينجحوا في الاختبار النهائي وبدرجات مرتفعة في أحد المقررات، ولكنهم لا يستطيعون تبرير وشرح بعض عمليات المحتوى.

ومن مميزات تعليم التفكير في المؤسسات التربوية تخريج طلاب فاعلين ناقدين قادرين على التعلم الذاتي، ومتعاونين ومنتجين في مجتمعهم، ولديهم القدرة على طرح وجهات نظرهم ونقد وجهات نظر الآخرين واحترامها وتقبلها، واتخاذ القرارات وتوليد الأفكار الجديدة، وتنظيم شئون حياتهم. كما يجعل الطالب لدية القدرة على الانتباه والالتزام والمشاركة بفاعلية في مختلف المواقف.

ونؤكد هنا على أهمية تعليم الطلاب مهارات التفكير الناقد (Critical Thinking) والتفكير الإبداعي (Creativity Thinking) بوصفهما نمطين للتفكير يساعدان في زيادة التحصيل الدراسي في مختلف المواد. حيث يتاح للطلاب من خلال التفكير الناقد الفهم والتطبيق والتحليل والاستدلال والاستنتاج المنطقي لكل ما يعرض من معارف في عمليتي التعليم والتعلم، وبالتالي قدرتهم على إنتاج أفكار جديدة اصيلة من خلال تفكيرهم الإبداعي.

ومن المتوقع أن يصاحب تعليم التفكير بعض التعقيد والصعوبة في وقت يفترض أنه يتسم بالبساطة. ونعتقد أن مصدر تعقيد وصعوبة تعليم التفكير بوصفه مهارة تعلم هو: اختلاف فلسفات التعلم وتداخل مفاهيم ومصطلحات أبعاد التفكير (Thinking Dimensions) مع أبعاد التعلم (Learning Dimensions)، وكذلك تداخل أهداف التعلم مع مستوياته، والأنماط مع النماذج، والاستراتيجيات مع الأساليب، والتصنيفات مع المهارات، وبالتالي صعوبة إدارتها في عمليتي التعليم والتعلم رغم أن أصحابها ومنظريها اعتبروها فقط إطارًا عامًا لتعليم التفكير.

ونختم بالقول بأن (التفكير في كيفية الصعود الى قمة الجبل أهم من عملية الصعود بطريقة آلية وسهلة).

 

محمد حسن البحيري

باحث دكتوراه في المناهج وطرق التدريس

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA