تتبع الشركات الرائدة المعروفة بتركيزها على الابتكار منهجيات ديناميكية في سوق المنتجات والخدمات. فنجد أنه بعد الإطلاق الناجح لمنتج معين أو خدمة يبدأ فريق التطوير والابتكار في تلك الشركات في استكشاف وتطوير إصدارات أو إضافات تؤدي إلى منتجاتٍ جديدة مما يعكس التزام تلك الشركات بالابتكار المستمر وتوسيع أسواقها الداخلية والخارجية.
يعد تخطيط المنتج عمليةً مهمة وأساسية تتم قبل بدء المشروع وقبل تخصيص الموارد اللازمة للتطوير؛ وذلك لضمان أن كل منتج يتم تطويره يدعم الأهداف الإستراتيجية للشركة. خلال هذه العملية، تتم الإجابة على تساؤلات مهمة تنتهي بتحديد أنواع المشروعات التي سيتم العمل عليها وكيفية دمجها مع خطوط الإنتاج القائمة وتحديد مواعيد إطلاقها، وهذا يشكل جزءًا من رسالة فريق تطوير المنتجات التي تساند القرارات المتعلقة بالسوق والتكامل التقني وكذلك الأهداف المالية. تنتهج الشركات الرائدة في ابتكار المنتجات طرقًا فعالة في تخطيط المنتجات لتضمن تحديد الفرص المناسبة وإطلاق مشروعاتها بمهام واضحة ومحددة تضمن التوافق مع إستراتيجياتها وقدراتها.
يمكن تصنيف مشاريع تطوير المنتجات إلى أربعة أنواع يتم من خلالها تعامل الشركات مع ابتكاراتها ومشروعاتها. وكل نوع من هذه التصنيفات يخدم غرضًا محددًا في سياسة النمو والابتكار، مما يساعد على تنظيم وتوجيه جهود التطوير نحو تحقيق أقصى تأثير ممكن. من تلك التصنيفات بناء «منصات أو خطوط إنتاج جديدة» حيث يهدف ذلك إلى إنشاء عائلة جديدة من المنتجات عبر منصة مشتركة جديدة. ومن التصنيفات أيضًا «استخدام منصات أو خطوط إنتاج قائمة» من خلال توسيع استخدام منصة موجودة لتشمل منتجات جديدة تلبي المتطلبات الجديدة. ومن التصنيفات إدخال «التحسينات التدريجية للمنتجات الحالية» وهذا يركز على تحديث وتحسين المنتجات القائمة لضمان بقائها ومنافستها. وأخيرًا، يمكن بناء تقنيات جديدة كليًا وذلك لاستهداف أسواقًا جديدة. إن فهم هذه الأنواع من المشروعات يمكن الشركات من التنقل عبر منهجيات تطوير المنتج مع ضمان أن تظل محفظة منتجاتها مبتكرة و مستجيبة لمتطلبات السوق وتغيراته.
يقترح خبراء تطوير وابتكار المنتجات عدة مراحل أو خطوات عملية لتخطيط المنتجات الابتكارية التي يجب أن تتبعها الشركات، وهي عبارة عن إطار عملٍ يتطلب تنسيقًا دقيقًا بين نشاطات الشركة المختلفة ويعتمد على استراتيجيات تحليلية لتقييم الفرص والمخاطر للمنتجات المبتكرة. هذه العملية تمكّن الشركات من تطوير منتجات جديدة بطريقةٍ منظمة. تبدأ عملية تخطيط المنتجات بتحديد الفرص (كما أسلفنا في مقالٍ سابق) حيث تجمع الشركة المعلومات من مصادر عديدة لكي تُحدد الاتجاهات الجديدة والتقنيات الناشئة ومتطلبات العملاء. تتمثل الخطوة الثانية في تقييم المشروعات وتحديد الأولويات، حيث يتم تقييم الفرص الواعدة وتحديد مدى توافقها مع الأهداف الاستراتيجية للشركة ومواردها المتاحة، باستخدام معايير وأدوات معينة. بعد ذلك يتم تخصيص الموارد وإعداد الخطط الزمنية وهي الخطوة الثالثة، حيث تقوم الشركة بتخصيص الموارد اللازمة للمشروعات المرشحة وتحديد الجداول الزمنية للتطوير والتنفيذ. يلي ذلك عملية التخطيط المفصلة وتحتوي تحديد الفرق المسؤولة عن كل مشروع وتوزيع المهام وإعداد المواصفات الفنية الأولية. وتتمثل الخطوة الأخيرة في عملية تخطيط المنتجات في مراجعة العملية بأكملها لتحديد مدى فعاليتها وكفاءتها ويشمل ذلك تقييم نجاح المنتجات المطورة في السوق والالتزام بالجداول الزمنية المعدة.
تستخدم الشركات في عملية تخطيط المنتجات مجموعةً متنوعة من الأدوات والطرق لضمان تطوير منتجات ناجحة ومبتكرة تلبي متطلبات السوق وتتوافق مع أهدافها الإستراتيجية. ومن تلك الأدوات أبحاث السوق حيث تجمع الشركات البيانات حول العملاء المستهدفين و المنافسين والسوق بشكلٍ عام لفهم التوجهات الحالية والتنبؤ بالتغيرات المستقبلية. وكذلك يتم استخدام تحليل سوات (SWOT) لتقييم الوضع الداخلي والخارجي للشركة وبحث الفرص التي يمكن استغلالها والتحديات التي يجب تلافيها. أيضًا هناك أدوات أخرى مثل أسلوب استنباط الأفكار وورش العمل الرامية إلى تعزيز الابتكار. كما يتم استخدام خارطة الطريق التقنية (Technology Roadmap) للمساعدة في دمج التقنيات الجديدة في المنتجات على فترات زمنية محددة وبيان كيفية استخدام التقنيات المختلفة لتحقيق أهداف الشركة. بالإضافة إلى أدواتٍ أخرى عديدة مثل النمذجة المعلوماتية وتحليل القيمة المضافة وبرامج إدارة المشاريع والمحاكاة وغيرها.
تعد عملية تخطيط المنتجات أحد أهم مراحل تطوير وابتكار المنتج وهي من أهم العناصر في إستراتيجية الأعمال لأي شركة تسعى للنجاح والبقاء في ظل الأسواق المتغيرة فمن خلال مراحل هذه العملية والمجموعة المتنوعة من الأدوات والأساليب المتقدمة، سوف تتمكن الشركات من تطوير منتجات مبتكرة وفعالة تلبي توقعات ومتطلبات العملاء و تستجيب للتغيرات السريعة في عالم اليوم.
الدكتور عبدالرحمن بن مشبب الأحمري
قسم الهندسة الصناعية
إضافة تعليق جديد