يُعد قطاع تجارة التجزئة أحد أهم القطاعات الاقتصادية الحيوية في المملكة العربية السعودية حيث أن المملكة تعد واحدةً من أكبر المراكز التجارية على مستوى الشرق الاوسط وشمال افريقيا، فهي أكبر سوق استهلاكي بين دول الخليج العربي ويمثل السكان بها أكثر من نحو 60% من إجمالي سكان منطقة الخليج، وترتفع بها مستويات القوة الشرائية للأفراد مما يزيد من حجم الدخل ونتيجة للأهداف الإستراتيجية التي أطلقتها المملكة في رؤيتها لعام 2030. من المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة نموًا كبيرًا لقطاع التجزئة نظرًا لزيادة دخل الأسر المتاح للإنفاق وارتفاع مستويات المعيشة مع مستهدفات زيادة عدد الزوار ليصل إلى 100 مليون سائح خلال العام ، إضافة إلى المدن الجديدة التي من المخطط أن تكون مراكز تجارية عالمية ومقر لأكبر العلامات التجارية من متاجر الجملة والتجزئة في العالم وبالتالي ارتفاع حجم الطلب على مختلف السلع داخل وخارج المتاجر .
كما تمتلك أسواق ومحلات البيع بالتجزئة تاريخًا موغِلًا في القِدم يعود إلى العصور القديمة حيث كان بعض أوائل تجار التجزئة باعةً متجولين ،إذ تحولت محلات البيع بالتجزئة عبر القرون من كونها مجرد «أكشاكٍ بدائية» إلى الأسواق التجارية المتقدمة أو «المولات» في الحقبة المعاصرة.
تتمتع المملكة بسوقٍ محلي واعد سيجعل منها واجهة مثالية للاستثمار العالمي في مختلف القطاعات الاقتصادية ، ويعد البيع بالتجزئة من القطاعات الواعدة والفرص الكبيرة أمام تجار التجزئة لنقل استثماراتهم إلى المملكة بما يضمن القدرة على توفير الخدمات للعملاء بشكلٍ أفضل وأسرع؛ مما يسهم في تطوير ورفع المستويات الاحترافية للوصول إلى الأهداف المنشودة وخلق بيئة عمل مثالية ومحفزة لهم تضاهي أبرز الإستراتيجيات التي يتم تنفيذها في الأسواق العالمية.
حيث حققت السعودية قفزةً نوعية في «المؤشر العالمي لتطور تجارة التجزئة» الأخير الصادر عن شركة «كيرني»، كما سجلت زيادةً قدرها تسع نقاط لتحتل بذلك المركز الثالث في التصنيف.
إن مؤشر كيرني العالمي سلط الضوء على التقدم الملحوظ الذي أحرزته المنطقة في تطوير تجارة التجزئة على الصعيد العالمي.
ويعتمد هذا المؤشر على مجموعةٍ واسعة من المعايير بما في ذلك النمو الاقتصادي، وثروة المستهلك، والإطار التنظيمي، لقياس إمكانات البيع بالتجزئة في 35-40 من الاقتصادات الناشئة.
ومن العوامل التي ساهمت في التقدم الذي أحرزته السعودية ، تحقيق نمو ملحوظ في توظيف المواطنين السعوديين في الوظائف التي تتطلب مهاراتٍ عالية ومضاعفة، كذلك مشاركة الإناث في صفوف القوى العاملة بما يتجاوز أهداف رؤية 2030، و تسجيل نمو كبير في معاملات التجزئة غير النقدية من 16 بالمئة في عام 2016 إلى 62 بالمائة في عام 2023، والمستهدف هو أن يصل النمو إلى 70 بالمئة بحلولِ عام 2030.
إن الانتشار الواسع لخدمات «اشترِ الآن وادفع لاحقًا» (BNPL) بين المستهلكين، ومساهمة مزودان محليان Tamara وTabby، قام بتمهيد الطريق لنمو هذه الخدمات.
بالإضافة الى تكامل التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي في السوق الاستهلاكية السعودية، والتبني السريع للتجارة عبر الهاتف المحمول وتجارة التجزئة التجريبية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وازدياد دخول العلامات التجارية العالمية وتوسع قطاعات الترفيه ونمط الحياة، يشير إلى ازدهار بيئة البيع .
كما تتسم التجزئة بعددٍ من الخصائص التي تميزها عن غيرها من الأنماط التجارية الأخرى، ومن أبرزها البيع للمستهلك النهائي حيث تتم عملية بيع المنتجات أو الخدمات للزبائن لاستخدامهم الشخصي وليس لإعادة المتاجرة فيها.
الذي يسهم في نجاح تجارة التجزئة هو النضج الرقمي بين القطاعات المختلفة وخاصة بين العلامات التجارية في مجال أسلوب الحياة، كما أن التغلب على التردد في الاستثمار ومقاومة التغيير من قِبل تجار التجزئة يتطلب تبني الابتكار والتطور التكنولوجي في جميع جوانب الشركة لضمان نجاحها، بالإضافة الى التركيز على الإعلانات والتجارة الإلكترونية و الاستثمارات في المجالات الحيوية مثل سلسلة التوريد والتقنيات داخل المتاجر تحقق أيضًا عوائدَ كبيرة على المدى الطويل.
بشكلٍ عام يعد قطاع التجزئة في السعودية من المجالات الاقتصادية المهمة التي تنطوي على فرصٍ استثماريةٍ واعدة، خاصةً مع التطورات الحديثة التي شهدها هذا القطاع والتي تتمثل في توظيف الحلول التكنولوجية المبتكرة ودمجها مع مختلف قنوات البيع بالتجزئة على نحوٍ يحقق العديد من الفوائد.
نوره النفيسه
قسم إعلام
ضمن مبادرة إثراء الإعلام التخصصي من شركة وادي الرياض
إضافة تعليق جديد