الرصانة العلمية في الكتابة الأكاديمية

 

 

الكتابة الأكاديمية تتميز بالرصانة العلمية والتعقل وهي مختلفة تمامًا عن أي نوع من الكتابات؛ لكونها تستخدم عباراتٍ علمية ذات دلالة يمكن قياسها وبعيدة عن التحيز. قُراء الرسائل العلمية والبحوث هم نخبة من الأساتذة والباحثين وليس الجمهور العام. لذلك، تلتزم الكتابة الأكاديمية باستخدام تراكيب لُغوية واضحة المعنى بعيدةً عن الشك أو التظليل أو التحيز. يعمل الباحث على تنظيمِ البحث وبناء الجُمل ويستخدم علامات ترقيم وكلماتٍ واضحة يبدأ بها الجملة لتنتهي بمعنى تام بين؛ إذ لا قيمة لجملة لا تؤدي لمعنى واضح وقابل للفهم. الكتابة الأكاديمية تعتمد المنهج البحثي المتعارف عليه في تنظيم الورقة البحثية أو الرسالة ولا تستخدم المُحسنات اللفظية التي قد تكون مناسبة في المقالات الصحفية. ومن المُلاحظ حماس بعض الباحثين في إطلاق أحكام قطعية دون إسناد مرجعي واندفاعهم لمناقشة قضايا أو مشاكل بحثية هي محل شك غير مثبت علميًا؛ إذ لا يمكن أن تنطلق الإشكالية البحثية برغبة أو انطباعات ذاتية من الباحث دون إحصاءات ملموسة أو شواهد واضحة. وفقًا لذلك، لا يمكن الجزم بوجود إشكالية تلوث في الهواء برأي انطباعي من الباحث دون إثبات إحصائي لنسبة الملوثات ومقارنتها بالمعايير النظرية المعتمدة. وعلاوة على ذلك، لا يمكن الاعتماد على مشاهدات انطباعية من الباحث يمكن أن تكون متحيزة. بعض الباحثين يستخدم عبارات شك مثل «مما لا شك فيه» أو «يعتريني الشك» أو «قد لا أجافي الحقيقة بالقول». كما يعمد بعض الباحثين إلى تضخيم مشكلة الدراسة باستخدام عبارات غير مألوفة في السياقات الأكاديمية بما فيها عبارات المبالغة مثل: «تضخم سكاني هائل» أو «ظروف صعبة» أو «حالة بائسة؛ أو استخدام عبارات دون قياس مثل: «تلوث شديد جدا» أو «إزعاج مرتفع» أو «فقر شديد» دون أن ترفق بأرقام إحصائية ترتبط بمعاني هذه العبارات، فكيف عرف الباحث أن هناك تلوث شديد جداً؟ أو إزعاج مرتفع؟ وأخيرًا، يستخدم بعض الباحثين مصطلحات متعددة الأوجه ومتضاربة المعنى وغير متفق عليها علميًا إذ تجده يتناول أكثر من مصطلح في نفس البحث رغم اختلاف المعنى أو تضاربه.

 

د. وليد الزامل

أستاذ مشارك في قسم التخطيط العمراني

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA