الأسرار الخفية لتعزيز صحة الدماغ الثانية وزيادة التحصيل الدراسي

أ. د. جمال الدين ابراهيم هريسه

أستاذ الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية

كلية الصيدلة

تحتوي أمعاء الانسان على عدد كبير من الخلايا العصبية أكثر من الخلايا العصبية الموجودة في الحبل الشوكي،؛ وتعمل الخلايا العصبية للأمعاء بألية مستقلة عن المخ، لذا تسمى الأمعاء بالجهاز العصبي المعوي” Enteric Nervous System “.  وتشير الدراسات الي انه إذا قطع التواصل بين المخ والأمعاء، فإنها تظل تعمل بنفس الكفاءة، لذا تسمى الامعاء «بالدماغ الثانية». ويتم التواصل بين الدماغ الثانية والمخ بواسطة Gut-Bain Axis من خلال العصب «السمبثاوي»، والعصب «شبه السمبثاوي»، والناقلات العصبية والهرمونات، والجهاز المناعي، وميكروبيوم الأمعاء.  وأدوات التواصل هذه ضرورية للتناغم بين الجهاز العصبي المعوي والمخ.  وبذلك يكون للجهاز الهضمي وظائف عصبية، بالإضافة إلى هضم الطعام وامتصاصه واخراجه، والوظائف الحيوية الأخرى. لذا يعد تعزيز صحة القناة الهضمية من الضروريات للصحة العقلية والنفسية وتنمية القدرات المعرفية والمناعية وغيرها من وظائف الجسم. حيث ينتج الجهاز العصبي المعوي العديد من الناقلات العصبية التي تؤثر على للتواصل بين أعضاء الجسم وتؤثر على الحالة المزاجية والسلوكية والادراكية والمعرفية وغيرها. فينتج الجهاز العصبي المعوي حوالي 80- 95 % من السيروتونين الموجود بالجسم، ويعد السيروتونين «ناقلا كيميائيا» يؤثر على حركة الأمعاء والنوم والبهجة والحزن والخوف والحالة النفسية. وتؤدي امراض الجهاز الهضمي إلى اختلال مستويات السيروتونين فيصاب الإنسان بالقلق وتوعك المزاج وقلة القدرات المعرفية. أيضا يلعب ميكروبيوم الأمعاء دورا محوريا   في التأثير على الحالة النفسية والعصبية، ويمثل ميكروبيوم الأمعاء حوالي 2% من وزن الجسم. ويعمل ميكروبيوم الأمعاء كمفاعل بيولوجي “Bioreactor” داخل الجسم لإنتاج الفيتامينات والناقلات العصبية والأدوية وغيرها من المواد الأخرى المفيدة لوظائف الجسم المختلفة.

لذا يعد الحفاظ على صحة الجهاز العصبي المعوي من الضروريات للحفاظ على الجهاز العصبي والصحة العامة للجسم وتعزيز القدرات المعرفية والتحصيل الدراسي. من الضروريات لصحة الجاز الهضمي تناول المزيد من الألياف للمحافظة على انتظام حركة الأمعاء منع الإصابة بالإمساك وتراكم المواد السامة التي تؤثر سلبا على وظائف الجهاز العصبي المعوي والمركزي. فقد اشارت دراسات عديدة الي أن تناول المزيد من الألياف الغذائية ما بين (20- 30 غرام يوميا) يعزز ميكروبيوم الأمعاء ويحسن المزاج والذاكرة ويحد من الإصابة بالاكتئاب والزهايمر وغيرها من الأمراض.  وتعد الحبوب الكاملة مثل القمح والشوفان والبقوليات والفاصوليا والحمض والخضروات والفاكهة والمكسرات والبذور من المصادر الجيدة للحصول على الألياف الغذائية.  خاصة تناول الخضروات والفواكه يوفر الحصول على الألياف والفيتامينات ومضادات الأكسدة التي تكبح الشقوق الحرة وتحفز نمو ميكروبيوم الأمعاء فتقلل الإصابة بالاكتئاب والتدهور الإدراكي والمعرفي بتحسن كفاءة الجهاز العصبي.  كما أن تناول الأسماك والمكسرات التي تمد الجسم بنسب متوازنة بين الأحماض الدهنية الضرورية   أوميغا-3، وأوميغا-6، والتي تلعب دورا محوريا في الحفاظ على صحة الخلايا العصبية وتعزيز الذاكرة،. إضافة الى ذلك تساعد هذه الأحماض الدهنية في صحة الأوعية الدموية وتحسين التدفق الدموي العصبي، بالإضافة دورها في تعزيز نمو ميكروبيوم الأمعاء وكل ذلك يساعد على الوقاية من الخرف والزهايمر وتنمية مهارات التعلم والتحصيل الدراسي.

 كما أن تناول الحلا والشوكولاتة من الحين الي الأخر يظهر أثرا إيجابيا على مستويات السيروتونين، فيساعد على تحسين وظائف المخ والدماغ الثانية والمساعدة على تحسن المزاج وتحصيل العلم.  كذلك تناول القهوة يحمي من التدهور المعرفي بتعزيز ميكروبيوم الأمعاء الصحي لغناها بالبوليفينولات المضادة للأكسدة، بالإضافة الي الأثر الجيد للكافيين على الجهاز العصبي، ويجب التحذير من الافراط في تناول القهوة، فقد يحدث أثرا سلبيا على الجهاز الهضمي ويسبب الأرق واضطرابات النوم واختلال الإيقاع البيولوجي.  كما يجب التحذير من تناول المضادات الحيوية الا عند الضرورة وبوصفة طيبة للحفاظ على كفاءة المفاعل البيولوجي.  كما يعد تناول الطعام في أوقات محددة ضروريا لتعزيز صحة الأمعاء. فيفضل تناول الإفطار بين الساعة 7-9 صباحاً، والغذاء في الساعة-2-3 مساءا والعشاء في الساعة 7-9 مساء، ويفضل تناول العشاء قبل 2 ساعة من الذهاب الى النوم. كل هذا يساعد على تنوع البكتيريا النافعة الأمعاء، ويحسن الهضم ويمنع الإمساك، ويقلل نوبات الجوع، ويعزز صحة الجهاز العصبي المعوي.  أصف الى ذلك منع التدخين وتناول المخدرات والمنبهات والكحول وتقليل التعرض للضغوط الحياتية من الضروريات لصحة الدماغ الثانية. كذلك الحفاظ على إيقاع الساعة البيولوجية بالنوم الجيد ليلا وحسن إدارة الوقت والذات والاخفاق والخلافات، كما أن الاسترخاء والتأمل والتفاؤل والأفكار الإيجابية والرضا والسعادة وعلو الهمة والتقوى من الضروريات لتعزيز عمل المخ والدماغ والثانية وزيادة مهارات لتعلم والتحصيل الدراسي وتحقيق النجاح والتفوق بإذن الله.

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA