كيف تكتب مقدمة البحث؟

 

 

تمثل مقدمة البحث المدخل الرئيس للقارئ فالبداية الجيدة تعطي إشارة حول مستوى البحث وتحفز القارئ على مواصلة القراءة. ليس بالضرورة أن يُدون الباحث المقدمة منذ البداية؛ بل من المفضل أن يتم تأجيل كتابتها حتى نهاية البحث. وإن بدء الباحث بكتابة المقدمة قبل الانتهاء من البحث فمن الطبيعي أن يتم تعديلها وفقًا لمقتضيات ومراحل البحث فكتابة البحث كما نعلم هي عملية مستمرة خاضعة للتعديل. إن مقدمة البحث هي انعكاس منطقي لمضمون البحث والنتائج المتحققة ولكنها تصاغ بأسلوب يستثير دافعية القارئ ويستحضر فيها الباحث التسلسل المنطقي للقضية كما المثلث المقلوب من العمومية حتى يصل إلى الخصوصية. يمكن أن يبدأ الباحث بشرح القضية البحثية من خلال عدة فقرات بداية من النطاق العالمي، فالمحلي، ثم الحالة الدراسية وبشكلٍ يؤكد فيه على الدوافع التي حفزته لتحديد هذا الموضوع. فمثلًا من المحبذ أن يتطرق الباحث إلى الصلة العملية للبحث أو الأهمية الإنسانية له في النطاق العالمي ثم يشرح مسار قضيته البحثية في سياق الرؤية الوطنية 2030 والجهود الوطنية الرامية لمعالجتها. وعلى الباحث أن يقدم شرحًا موجزًا حول الموقف العلمي من قضيته البحثية والاتجاهات السائدة؛ فالبحوث التي ليس لها إطار علمي ثابت أو أهمية عملية سوف تكون مجرد مضيعة للوقت والجهد. في مقدمة البحث يمكن أن يناقش الباحث بإيجاز المشكلة البحثية، وله أن يفرد لها موضوعًا جانبيًا لشرحها ضمن المقدمة.

في الواقع، يواجه العديد من طلاب الدراسات العليا والباحثين إشكاليات عديدة في كتابة مقدمة البحث حيث يتم التعامل معها كنصوصٍ غير مرتبه وليست على ترابط تام. كما تجد الباحث أحيانًا يناقش مواضيع غير مرتبطة تمامًا بعنوان البحث ودون خلفية نظرية تسمح للقارئ بفهم الإطار العام للدراسة. أما تحرير المصطلحات العلمية فهي إشكالية شائعة فتجد الباحث أحيانًا يستخدم مصطلح "الاستدامة" دون أن يشرح هذا المصطلح؛ بل ربما يخلط بينه وبين مصطلحات أخرى. كما يَستخدم بعض الباحثين مصطلحات مختلفة بنيه الإشارة إلى نفس المفهوم فتجده يكتب مثلًا كلمة "التدريس" وفي الفقرة التالية يكتب كلمة "التعليم" ليشير إلى سياق واحد، وكان من الأجدر أن يقوم الباحث بتثبيت مصطلح واضح وموحد على كامل البحث منعًا للبس. يحتاج الباحث في مقدمة الدراسة إلى استحضار الخاتمة التي توصل لها في البحث وكتابتها بترتيب افتتاحي حيث يبدأ بترتيب فقرات عامة لتمهيد الدخول إلى القضية البحثية؛ في حين يحتاج في كتابة المقال الختامي إلى ترتيب فقرات لتحقيق الخروج من البحث وصولًا لتعميم نتائج الدراسة. بعبارةٍ أخرى، يبدأ الباحث في المقدمة بالعموميات حتى يضيق نحو قضيته البحثية ويستمر في تناول هذه القضية بالعمق البحثي حتى يصل إلى نهاية البحث، وفي الخاتمة يعكس ما توصل له كتعميمٍ يمكن استجلاء أثره كإضافةٍ علمية في مجال المعرفة.

 

د. وليد الزامل

أستاذ مشارك في قسم التخطيط العمراني

 

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA