"الرياض تقرأ" في جامعة الوطن
رسالة الجامعة – إيمان الشهري – عبدالعزيز الوهيبي:
أقيم في رحاب جامعة الملك سعود بالرياض، معرض الرياض الدولي للكتاب 2024، الذي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة بوزارة الثقافة، تحت شعار "الرياض تقرأ"، وذلك على مدى عشرة أيام ابتداءً من 26 سبتمبر و حتى 5 أكتوبر الحالي، بمشاركة أكثر من 2000 دار نشر، من أكثر من 30 دولة، موزعة على أكثر من 800 جناح، إضافة إلى مشاركة هيئات ومؤسسات ثقافية سعودية وعربية ودولية؛ حيث يعد المعرض منصة رئيسية للناشرين وللتبادل الفكري والثقافي، وملتقى للأدباء والمفكرين وصناع الثقافة والمعرفة وعشاق الكتاب من داخل المملكة وخارجها، وقد شهد المعرض إقبالًا واسعًا من المواطنين والمقيمين وزوار المملكة، على أروقة وأنشطة وأجنحة المعرض بفضل تنوع المنتجات الثقافية والفكرية التي تخاطب عقول كافة أفراد المجتمع وفئاته وشرائحه، وما قدمه من خدمات ترفيهية وأنشطة ثقافية وجناح كبير للأطفال واليافعين، وكذلك العروض المسرحية للكبار والصغار.
والجدير بالذكر أن المعرض يقام للسنة الثانية على التوالي في حرم جامعة الملك سعود، بعد غيابه عنها عدة أعوام، حيث أقيم المعرض للمرة الأولى بالمملكة بالجامعة وذلك عام ١٩٧٨م حينها كانت تحمل أسم " جامعة الرياض" وأستمر لعشر نسخ يقام بها حتى عام ٢٠٠٤م، ثم أقيم في مواقع أخرى، وعاد للجامعة عام ٢٠٢٣م.
" 200 فعالية "
قدم المعرض هذا العام برنامجًا ثقافيًّا ثريًّا تضمن أكثر من 200 فعالية لاءمت جميع الأعمار، وتنوعت ما بين الندوات والجلسات الحوارية، والمحاضرات والأمسيات الشعرية وورش العمل، التي قدمها نخبة من الأدباء والمفكرين والمثقفين من السعودية، وعدد من دول العالم، في تظاهرة ثقافية وفكرية بارزة، عززت صناعة النشر، والاقتصاد الثقافي، ودعمت التبادل الثقافي.
قطر ضيف الشرف
حلت دولة قطر ضيف شرف للمعرض في نسخته هذا العام، لتقدم لزواره تجربة ثقافية مميزة تعكس منجزاتها الأدبية والفكرية، وموروثها الثقافي الأصيل وتاريخها وفنونها المتنوعة؛ وذلك من خلال جناح يستعرض مخطوطات وإصدارات وزارة الثقافة القطرية، ومبادرة إقراء، وكل ذلك بمشاركة رموز الثقافة القطرية والمواهب والمبدعين القطريين، ضمن برنامج ثقافي منوع وثري.
وقصد صرح الأستاذ جاسم بن أحمد البوعينين مدير إدارة المكتبات بوزارة الثقافة القطرية قائلا: نحن سعداء بتواجدنا في معرض الكتاب كضيف شرف في هذه النسخة، وما حضينا به من حفاوة الاستقبال وبالغ الترحاب، وبالإقبال الجماهيري الكبير على الجناح والذي يعكس متانة العلاقة الأخوية التي تربط بلدينا الشقيقين على كافة الأصعدة ومنها الصعيد الثقافي.
وتأتي مشاركة وزارة الثقافة القطرية بالمعرض بداية من خلال التصميم المستوحى من العمارة التقليدية في قطر، وينقسم الجناح إلى أربع أقسام القسم الأول والأهم هو إصدارات الوزارة بالإضافة إلى الإنتاج الفكري القطري، أما القسم الثاني فيعرض الحرف الشعبية حيث تم التركز على أربع حرف و هي (صناعة السفن، والجبس، والحلي، والنقدة)، ثم يأتي القسم الثالث في الجناح وهو الكتب القديمة والمخطوطات، حيث يعرض مقتنيات دار الكتب القطرية التي تعود لأكثر من 100 عام، كما يشمل إصدارات لدار الكتب القطرية التي افتتحت عام ١٩٦٢م، والقسم الرابع بالجناح يعرض مبادرة قطر تقرأ التي أُطلقت من ثلاث سنوات.
كما شاركنا في منطقة الطفل بمساحة "دوحة الطفل" التي تضمنت أنشطة ثقافية ترفيهية تُشجع على القراءة بطريقة مبتكرة.
وأيضا اشتملت المشاركة على تقديم الرقصات الشعبية القطرية العرضة وأهازيج الفجري، التي تُقام في الساحة الخارجية مساءً طوال أيام المعرض.
كما شاركنا بالبرنامج الثقافي المصاحب للمعرض المقام على المسرح الرئيسي الذي شمل الندوات وامسيات شعرية وجلسات حوارية.
الدكتور علوان: تجاوزت المبيعات 28 مليون ريال
قال الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور محمد حسن علوان: "إن معرض الرياض الدولي للكتاب حظي في نسخة هذا العام بإقبال واسع من الزوار، إذ جذبت فعالياته وأنشطته الثرية والمتنوعة أكثر من مليون زائر، من مناطق المملكة العربية السعودية ومن خارجها، حيث شكل المعرض فرصة قيّمة للزوار للوصول إلى مؤلفات المبدعين من كل الدول العربية والعالم، وفتح نوافذ مهمة لاستكشاف عوالم من المعرفة والفكر والأدب ومجالاته المتعددة ".
وأضاف الدكتور علوان :"أن نسخة المعرض في العام الحالي شهدت مشاركة أكثر من 2000 دار نشر ووكالة، من أكثر من 30 دولة، توزعت على 800 جناح، وعرضت عشرات الآلاف من عناوين الكتب والإصدارات الجديدة، مما انعكس إيجابًا على إيرادات دور النشر المشاركة في المعرض، حيث حققت مبيعات تجاوزت 28 مليون ريال، مما يؤكد جاذبية معرض الرياض الدولي للكتاب وأهميته حيث يعد أحد أهم وأبرز معارض الكتاب في العالم العربي، بسبب عدد زواره الكبير، وقيمة المبيعات التي تحققها دور النشر، مؤكدًا أن المعرض أسهم في إنعاش سوق الطباعة وحركة النشر العربية، كما عزز قدرات الناشرين السعوديين وتنافسيتهم .
الدكتور الواصل: المعرض يُعزز صناعة النشر
أوضح الدكتور عبداللطيف الواصل، مدير عام الإدارة العامة للنشر في هيئة الأدب والنشر والترجمة أهمية المعرض وشركائه في تعزيز الثقافة ودعم صناعة النشر في المملكة من خلال تنظيم هذا الحدث الثقافي المهم الذي جمع المبدعين والناشرين من مختلف أنحاء العالم.
وأشاد الدكتور الواصل بجميع دور النشر المشاركة، مؤكدًا أنهم شركاء حقيقيون ساهموا في تعزيز الثقافة، ودعم صناعة النشر في المملكة العربية السعودية.
الممر التكريمي للبدر
اجتذب الممر التكريمي، للأمير الراحل الشاعر بدر بن عبدالمحسن" مهندس الكلمة"، فقيد الثقافة السعودية والعربية وأيقونة الشعر الحديث، زوار المعرض، حيث احتضن الممر صوراً و أبياتاً شعرية للأمير الراحل وعباراته تجاه الوطن، ونقش على الحائط الخارجي عبارة "لاح لي وجه الرياض في مرايا السحب"، وعند مدخله عبارة "البدر.. الحضور والغياب".
كما عملت هيئة الأدب والنشر والترجمة، على جمع الأعمال الأدبية الكاملة للأمير بدر بن عبدالمحسن وترجمتها.
الجيل "ألفا"
أكثر ما ميز نسخة المعرض لهذا العام، هو الحضور الكثيف لجيل "ألفا" في المعرض، حيث أقبل الأطفال واليافعين من زوار المعرض على دور النشر والأجنحة التي تعرض كتب العامية الحديثة المعبرة عن هذا الجيل خاصة؛ والتي تتناول الخيال العلمي الرقمي واختصارات وسائل التواصل الاجتماعي ومصطلحات الألعاب الإلكترونية، وروايات فن الأنمي المكتوبة باللغة العامية، وكذلك قصص الحياة في الواقع الافتراضي.
منطقة الطفل
شكلت منطقة الطفل في المعرض، عنصر جذب للأطفال والأسر، بما ضمتها من أركان تقدم فعاليات مختلفة، شملت 6 عروض مسرحية للأطفال، تنوعت ما بين مسرح الدمى، ورفيق الأحلام، ومسابقات تنافسية، والحكواتي، وعرض مزيونة، وأمسية الشعراء، كما نظمت المنطقة 48 فعالية ثقافية خاصة بالأطفال، في 9 أركان مختلفة، وهي: ركن الطاهي الصغير، وركن تصميم الازياء، وركن التحديات الأدبية، وركن صناعة حكاية، وركن الرسوم المتحركة، وركن الفنون والتراث، وركن براعم المرح، ووركن أحاجي جحا، مما جعلها وجهة رئيسة للأسر.
المعرض صديق ذوي الإعاقة
حرصة الهيئة على استهداف جميع أفراد المجتمع بمختلف فئاته، فعملت على أن يعزز المعرض الخدمات والتسهيلات المقدمة لذوي الإعاقة في كافة أرجائه، بهدف تحقيق تجربة ثرية وملهمة لهم، حيث صُميم المعرض ليكون متوافقًا مع اشتراطات كود الوصول الشامل لذوي الإعاقة، كما شارك متطوعو جمعية الإعاقة الحركية في المعرض لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، عبر توفير عدد كبير من الكراسي المتحركة للتنقل داخل المعرض أو خارجه.
كما مكّن ذوي الإعاقة السمعية من متابعة البرنامج الثقافي للمعرض، من خلال مترجمي لغة الإشارة المتواجدين في المسرح.
الأقلام الواعدة والدُّور الناشئة
برزت مبادرة "ركن المؤلف السعودي"، في المعرض هذا العام؛ والتي قدمتها الهيئة في إطار الدعم المتواصل للمؤلفين السعوديين والأقلام الشابة في الوصول بإصداراتهم إلى جمهور المعرض، حيث استعرض الركن المئات من كتب المؤلفين السعوديين، وأتاح التعريف بهم، وتسويق إنتاجهم نيابةً عنهم.
وفي جناح آخر، شاركت "جمعية النشر السعودية"، وهي إحدى الجمعيات المهنية التي أطلقتها وزارة الثقافة لتعزيز وتطوير أداء الممارسين في القطاع الثقافي، وتمكين صناعة النشر في المملكة.
"تمويل يفهمك"
قدَّم الصندوق الثقافي، عبر جناحه في المعرض أهم مشروعاته التمويلية في الجانب الثقافي، وهو مشروع "تمويل يفهمك" الذي يعد الأول من نوعه في المملكة العربية السعودية، والذي يهدف إلى دعم نمو المشروعات الثقافية للمنشآت عبر حلول تمويلية مرنة، وذات مزايا تنافسية تمكنها من بدء أعمالها وتوسع نموها باستدامةٍ وربحيةٍ وأمان.
منطقة الأعمال
شهد المعرض هذا العام تطورات عدّة، تضمنت استحداث منطقة أعمال متخصّصة، شاركت فيها الوكالات الأدبية التي تدير أعمال المؤلّفين وعقودهم، والمطابع المحلّية التي تُشارك للمرة الأولى في معارض الكتب المحلّية، لتقدّم خدماتها للناشرين، حيث أتاحت المنطقة فرصًا استثمارية استثنائية، كما تم توقيع عدد من الاتفاقيات بين الوكالات الأدبية والمؤلفين، مما يدعم صناعة النشر في المملكة، والمؤلفين السعوديين.
أراء الزوار
قال د. علي ضميان العنزي رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال بالجامعة : معرض الكتاب تظاهرة ثقافية جميلة تتكرر كل عام، وقد حرصتُ مُنذ أكثر من ٣٠ عام على زيارة المعرض ، ولفت نظري حديثًا قلة اقتناء الكتب عن الأعوام الماضية، و هذا التراجع لا يعني بالضرورة تراجع القراءة ، فبوجهة نظري هذا العصر غير نمط الالتقاء بالمعلومة، والقراءة لم تعد حصرًا على الكتب ، فالمقتطفات المكتوبة عبر وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي تُعد قراءة غير تقليدية، وأنا لا لستُ مع النظرة المغلوطة "بإننا لا نقرأ" فنحن مجتمع واعي نقرأ ونطّلع ونبحث وتصلنا المعلومات بطرقٍ متعددة مسموعة ومرئية، فالسماع في زمننا يُشبه القراءة إلى حدٍ كبير.
كما أعرب د. عادل بن عبدالقادر المكينزي أستاذ الإعلام المشارك بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، عن أن المعرض احتفالية ثقافية تستحق أن تتوج بشعار "الرياض تقرأ"، وأنه يُشكل علامة فارقة في المعارض العربية والإقليمية، وشكر وزارة الثقافة ممثلة في هيئة النشر على هذه الجهود القيّمة التي تحقق مستهدفات رؤية ٢٠٣٠ في جانب جودة الحياة.
وأثار إعجاب الدكتور الحضور الجماهيري الكبير من مختلف الفئات العمرية والشرائح المجتمعية والجنسيات المتنوعة، وأوضح أن ذلك يعكس الاهتمام الكبير بالثقافة.
وأردف بأن الفعاليات المتنوعة التي تتناسب مع كافة الأذواق الثقافية عنصر جذب هام، كما أن جناح الطفل وبرامجه شكّل جزءًا مهمًا من المعرض، وكان له حضور مميز حيث أوجد فرصة للعائلة لبناء علاقة بين الطفل والكتاب.
وأوضحت د.عبير بنت محفوظ الطلحي أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية بالجامعة أن معرض الرياض الدولي للكتاب فعالية ثقافية مهمة، تلتقي فيه العقول والأذواق عند شغف مشترك هو القراءة والاطلاع واستكشاف عوالم المعرفة. الطوابير المتزاحمة من أجل الثقافة أمر مبهج ويشير بوضوح إلى المستوى الفكري الذي رفع هذا الوطن أبناءه إليه، ومما يبعث على السعادة والفخر توالي إقامة هذا الحدث الثقافي الكبير على أرض حرم جامعة الملك سعود، وفي ذلك دلالة على القيمة الثقافية الكبرى لهذا الكيان.
أما د.نورة بنت عبدالله العمر أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية فقالت: أن الجامعة ساهمت في تعزيز الثقافة والمعرفة، ودعمت صناعة النشر في المملكة باستضافتها معرض الرياض الدولي للكتاب الذي ساهم في نشر الثقافة والمعرفة، ووفر للزوار عامة ولطلاب لجامعة خاصة فرصة لاقتناء الكتب والتعرف على أحدث الإصدارات، ويُعد المعرض منصة للابتكار والإبداع عرض فيها الطلاب والباحثون أعمالهم ومشاريعهم.
وقال طالب قسم الإعلام محمد بن عبدالعزيز الدخيل: أبهرني التنوع الثقافات في معرض الكتاب لهذا العام، فمن الجميل جدًا أن تجد ثقافات مختلفة ومتباعدة تحت سقف واحد، وكل ثقافة تبرز كتبها وتسوق لها بشكلٍ حضاري مذهل.
وذكرت طالبة قسم الإعلام أمجاد بنت سعد المطيري، أن المعرض تميز بالتنوع الكبير في دور النشر، والاهتمام بشكلٍ ملحوظ بقسم الطفل وأيضًا مؤلفات الأطفال وذلك ما يساهم في بناء جيلٍ يقرأ، وأكثر ما لمسني بالعرض جناح عام الإبل حيث تم إبرازه بشكلٍ يليق به.
جوائز المعرض
في ختام المعرض قدمت هيئة الأدب والنشر والترجمة بوزارة الثقافة جوائز لعدة فئات في النشر، حيث حصلت على جائزة التميز في النشر، "مجموعة تكوين المتحدة للنشر والتوزيع"، وحصدت جائزة التميز في النشر لفئة الأطفال، "جامعة حمد بن خليفة للنشر"، كما فازت "دار جبل عمان ناشرون" بجائزة التميز في النشر لفئة المنصات الرقمية، وتم تتويج دار عصير الكتب للنشر والتوزيع، بجائزة التميز في النشر لفئة الترجمة، أما جائزة التميز في النشر فئة المحتوى السعودي ففازت بها دار "تأثير للنشر والتوزيع".
إضافة تعليق جديد