التوازن البيولوجي طريقة مبتكرة لعلاج أمراض العصر

تمثل البكتيريا حوالي 2% من وزن جسم الإنسان وهي نسبة متوازنة بين البكتيريا النافعة والضارة بما يعرف «بالتوازن البيولوجي»، وتقوم البكتيريا النافعة بحماية الجسم من الإصابة بكثير من الأمراض التي قد تنشأ عن البكتيريا الضارة، لذا يعد فهم التوازن البيولوجي ضرورة ملحة لفهم آلية كثير من الأمراض وإعادة التفكير في طرق العلاج.

يؤدي الخلل في التوازن البيولوجي إلى الأمراض المعدية ونقص الإنزيمات والحامض المعدي والفيتامينات والمعادن ونقص الألياف الغذائية ونقص البكتيريا المعوية النافعة، وتعمل هذه البكتيريا كخط دفاع أول بتحفيز الجهاز المناعي ضد جرثومة المعدة والسالمونيلا والكانديدا وغيرها من الميكروبات، كما تعمل البكتيريا النافعة على الحفاظ على مستوى الحمضية في الجهاز الهضمي وإتمام عملية الهضم ولها القدرة على تكسير البروتينات المسببة للحساسية، وبذلك تقلل الالتهابات والتفاعلات التحسسية المناعية للأطعمة مثل البيض أو السمك أو اللبن أو القمح  أو غيرها من الأغذية.

وتعد البكتيريا النافعة بمثابة مصنع أدوية داخل جسم الإنسان فتقوم بإنتاج أحماض دهنية تحارب البكتيريا الضارة والفطريات التي تتواجد في الفم والمعدة والأمعاء والرحم، كما تعمل هذه الأحماض على تقليل الكولسترول وبذلك تقي من أمراض القلب والأوعية الدموية. كما تنتج حامض البيوتريك الذى يستخدم    كغذاء للخلايا المعوية مما يساعد على تجديدها ووقايتها من الإصابة بالسرطان.

أيضا تنتج البكتيريا النافعة فيتامينات «ب المركب، ب12، حمض الفوليك، البيوتين»، وكلها تلعب دورًا مهماً في عملية التمثيل الغذائي والصحة العامة، كما تنتج فيتامين «أ» المهم للرؤية ومضاد للأكسدة وفيتامين «ك»  الضروري لتخثر الدم وتكوين العظام. كما أنها تنشط المركبات الكبريتية المضادة للالتهابات والسرطانات الموجودة في الخضروات مثل البروكلي والكرنب وغيرها، وأيضا تلعب البكتيريا المعوية النافعة دورًا كبيرًا في استقلاب بعض المواد والأدوية وبذلك تساعد الكبد على التخلص من السموم والمسرطنات.

إن فهم آلية التوازان البيولوجي والتحكم فيه قد يساعد في الوصول إلى علاج مبتكر وأكثر فاعلية للعديد من الأمراض ومن بينها السرطان وأمراض المناعة الذاتية، وتشير نتائج الأبحاث الحديثة إلى أن التحكم في البكتيريا المعوية يمكن أن يؤثر في الاستجابة للعلاج وخصوصًا علاج السرطان.

تتواجد البكتيريا النافعة بكثرة في الأمعاء الدقيقة والرحم لدى الأطفال والرضع، وتبدأ بالتناقص التدريجي كلما تقدم الإنسان في العمر، كما أن الإفراط في تناول المضادات الحيوية وشرب الخمر يقضي على البكتريا النافعة ويحدث خللاً في التوازان البيولوجي، مما ينتج عنه تعفن وتخمر ونقصان وحساسية للعناصر الغذائية، ونتيجة لذلك يحدث نقص في الفيتامينات والمعادن وتراكم نواتج سامة مثل الفينول والأندول التي تسبب سمية ذاتية، كما يؤدي خلل التوازان البيولوجي إلى الإصابة بمتلازمة الأمعاء المتهيجة والحساسية والعدوى والالتهاب المفصلي والذئبة الحمراء والأكزيما والصدفية.

وللحفاظ على التوازان البيولوجي يجب عدم الإفراط في تناول المضادات الحيوية إلا عند الحاجة الماسة، كما ينصح بتناول غذاء أكثر اعتماداً على النباتات وغني بالألياف والأطعمة المتخمرة بالبكتيريا النافعة مثل الزبادي والخبز الحمضي، كما أن تناول المكملات الغذائية التي تحتوي على سلالات نافعة من البكتيريا يؤدي إلى تعزيز البكتيريا الصديقة أيضا تناول الخميرة والعناصر الغذائية التي تتغذى عليها البكتيريا الصديقة يعزز قوتها وزيادة انتشارها.

أ.د. جمال الدين إبراهيم هريسه

كلية الصيدلة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA