كنت منذ فترة ليست بالبعيدة أرغب بالتواصل مع الإدارة المعنية بتسمية الطرق بالمدينة الجامعية، إذ كان قد حصل معي أكثر من مرة التواصل مع إدارة السلامة والأمن، لإخبارهم بعدد من الحفريات التي تعيق حركة السير في بعض الطرق، ليس هذا المهم رغم أنهم تلقوا البلاغ ببالغ الاهتمام وشكروني على ذلك، غير أن الأهم هنا في وصف الحفريات التي أبلغت عنها إذ كيف أصفها لهم والطريق ليس له مسمى مما اضطرني أن أخبرهم عن بعض المعالم التي حولي إلى أن عرفوا المكان، ويشكرون على تجاوبهم السريع والعمل على إصلاح الحفريات.
وقد اطلعت في العدد الفائت 1246 على تقرير يتحدث عن إطلاق الجامعة مبادرة لتسمية مرافق الجامعة بأسماء ترتبط بالعاصمة وهو المقترح الذي قدمه كرسي الملك سلمان للدراسات التاريخية والحضارية وتبنته الجامعة، وأفضوا مشكورين إلى «أن التسميات التي وُضِعت الآن من خلال المبادرة في إطلاق أسماء تاريخية، هي ذات ارتباط بالعاصمة وما حولها، تكون على مرافق الجامعة من مبانٍ وبوابات وقاعات وطرق وممرات وحدائق وغيرها، بهدف تذكير الأبناء وترسيخ معالم مهمة من تاريخنا الوطني في أذهان وذاكرة الأجيال».
وهنا يحضرني سؤال: لماذا تكررت نفس الأسماء لعدة مواقع في التسمية الجديدة «مثل الدرعية 1 - الدرعية 2 - الدرعية 3» و«حجر اليمامة 1 - حجر اليمامة 2 - حجر اليمامة 3» رغم الوفرة التاريخية القيّمة من مسميات لا حصر لها وهو ما ذُكر في ثنايا التقرير حيث ورد أنه عُرض على اللجنة مئات الأسماء إلى أن خلصت لوضع أسماء لها وجود من قبل، ولها أماكنها المحددة.
أليس لتلك الأماكن الحق في أن يكون لكل منها اسم مستقل دون تكرار، علماً بأن الأجيال تربطهم المسميات بأماكنها الأصلية وليست الفرعية أو المكررة، ومنها مسميات طرق موجودة أصلاً خارج أسوار الجامعة مثل «طريق العمارية» و«صلبوخ» و(ثليم) و«ديراب» وغيرها مما جاء في التقرير وينطبق هذا على مقترح البوابات والقاعات مما ذُكر في التقرير.
ربما يكون مقترح تسمية مرافق الجامعة وطرقها بأسماء روادها الذين تخرجوا فيها ونهلوا من معين علمها من أمراء ووزراء ورجال وسيدات فكر وعلم، هو الأجدر بذلك لكي تفتخر الجامعة بهذه الأسماء التي تخرجت فيها وتكافئهم بتسمية طرقها ومبانيها وبواباتها وقاعاتها بتلك الأسماء المميزة، ليكون ارتباط ذلك الجيل الذي نهل من علم جامعة الملك سعود بذلك العالِم والبحث عن طرق نجاحه الذي أوصله إلى أن تضع الجامعة اسمه على إحدى مرافقها ويكون أحد أمثلة النجاحات التي تحتذي بها تلك الأجيال، ولنا في قاعة حمد الجاسر خير مثال والذي منحته الجامعة الدكتوراه الفخرية عام 1995م وما تزال تلك القاعة مرتبطة بذلك العالِم.
ولا شك أن المقترح الذي طرحه كرسي الملك سلمان للدراسات التاريخية والحضارية مشكوراً يشعرنا بالاعتزاز والفخر بهذا الوطن المعطاء وارتباطه التاريخي والحضاري، وهذا لا يعبر إلا عن عمق الدراسات والأبحاث التي يجريها الكرسي للدراسات التاريخية والحضارية وما يضمه من مكنون هائل للمعرفة، ومن هذا المنبر ندعو المهتمين للاطلاع على منجزات ذلك الكرسي الأهم واهتمامه المتميز بالدراسات التاريخية، والذي يشعرك مجرد المرور من أمام مقره، بعمق التاريخ والحضارة ورؤية المستقبل الذي حواه هذا الوطن وقادته.
أ.سعيد الكناني
إضافة تعليق جديد