قرأت لك

الأخبار: دليل المستخدم
تأليف: آلان دي بوتون

يثير الكاتب والروائي، آلان دي بوتون، في كتاب «الأخبار: دليل المستخدم» تساؤلات عن هذا العصر المحموم بمعرفة الأخبار؛ فالأخبار الآن تحاصرنا في كل مكان، ولا يمكننا أن نتوقف عن النظر في شاشاتنا، ويطرح العديد من الأسئلة مثل: لماذا تثير القصص الكارثية غالبًا العواطف والتعاطف؟ ما الذي يجعل حياة المشاهير مثيرة للاهتمام؟ لماذا تكون أخبار الاضطرابات في المناطق البعيدة غالبًا مملة؟

ويوضح أن معرفة الأخبار لا تحتاج إلى أيِّ تعليمات، لأنها نشاط طبيعي سهل وواضح مثل التنفس، فبعد انقطاع قصير، لا يستمر عادة أكثر من ليلة، نقطع كلَّ ما نقوم به من أجل معرفة الأخبار، ونعلق حياتنا على تلقِّي جرعة بعد أخرى من المعلومات المهمة حول أهم الإنجازات، والكوارث، والجرائم، والأوبئة والمشكلات العاطفية التي حلت بالبشرية، وكل ما استجد.

اليوم نصف سكان العالم مُتَيمون بالأخبار، والمراسلون يمارسون أعمالهم بدقة خارقة كمواقيت الصلاة، وتعرف الأخبار كيف تستخدم آلياتها بشكل غير مرئي، ومن ثم يكون من الصعب الإحاطة بها، تتحدث إلينا بصوت طبيعيٍّ غير مشدد، دون الإشارة إلى نظرتها المفترضة، منذ سن مبكرة، تعلمنا تقدير قوة الصور والكلمات.

إنَّ أكثر التعليم قوة واستمرارًا يتمثل عن طريق موجات الأثير والشاشات، فحتى خلال فترة التعلم في الفصول الدراسية على مدى ثماني عشرة سنة أو نحو ذلك، فإننا نقضي بقية حياتنا تحت وصاية الكيانات الإخبارية التي تمارس تأثيرًا لا نهائيًّا فوق رؤوسنا أكبر من أيِّ مؤسسة تعليمية، فالأخبار هي المعلم، وهي القوة الأكثر أهمية لتحديد وتيرة الحياة العامة، وتشكيل انطباعاتنا عن المجتمع من حولنا، إنها المكون الرئيس للواقع السياسي والاجتماعي.

ويصف الكاتب شعور معظم الأفراد بعد فترة قصيرة من الانقطاع عن معرفة الأخبار، حيث تزداد لديهم المخاوف، وينتابهم شعور بأنَّ ثمة طائرة مُعرّضة للخطر، وأنَّ أنبوبًا للوقود قد ينفجر في مكان ما؛ أو فيروسًا معديًا انتقل من الخفافيش وتسلل إلى فتحات التهوية في قطار ركاب ياباني مزدحم، أو عملة ما قد أصابها انهيار شديد.

ومع ذلك، مهما كانت الأخبار رهيبة وسيئة، فإنها يمكن أن تأتي بمثابة تخفيف من عبء خانق لدى الذين يعيشون مع أنفسهم، أن نتحقق من الأخبار يشبه رفع الصدفة إلى آذاننا لنستمع إلى هدير الإنسانية، يمكن أن يكون هروبًا من انشغالاتنا لتحديد القضايا التي هي أكثر خطورة وأكثر إقناعًا، والسماح لهذه المخاوف لتغرق أكثر ذواتنا.

ماذا تعني كل هذه الأخبار طوال الوقت؟ كم من الشهور، أو حتى السنوات نقضي معها؟ سواء كانت مثيرة أو مخيفة: عن الطفل المفقود، والعجز في الميزانية؟ ما الذي تزيد به في الحكمة، أكثر من تركنا مع الاستنتاجات المفاجئة والغامضة، على سبيل المثال، أنَّ اقتصاد الصين آخذٌ في الارتفاع، وأنَّ أفريقيا الوسطى فاسدة، وذلك التعليم يجب إصلاحه؟

لا تزال المجتمعات الحديثة في حاجة إلى فهم أي نوع من الأخبار تحتاج إليها من أجل الازدهار، في معظم التاريخ، كان من الصعب جمع الأخبار والتحقق منها، إنها تحكم قبضتها على حياتنا، الآن لا يوجد مكان في العالم تقريبًا يمكن الذهاب إليه للهروب منها، إنها تنتظرنا في الساعات الأولى عندما نستيقظ من النوم المزعج، وتلاحقنا على متن الطائرات وهي تشق طريقها بين القارات؛ وتنتظر لتخطف انتباهنا حتى أثناء النوم.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA