تغطية: فهد الحمود
أطلق جناح وزارة الخارجية بالجنادرية 33 لهذا العام ممثلاً بمركز الاتصال والإعلام الجديد، «حوار الجنادرية»، وهي سلسلة جلسات حوارية متنوعة الموضوعات، جمعت النخب الأكاديمية والفكرية بالشباب وبحضور عدد من زوار مهرجان الجنادرية الذين شاركوا بدورهم بالحضور وطرح الأسئلة على الضيوف، وتناولت الجلسات أطروحات متفرقة حول المملكة كقوة إقليمية وشراكة عالمية، إلى جانب الأمن السيبراني في المملكة، وعمل القوة الناعمة في المملكة وأثرها السياسي والثقافي والاقتصادي، متطرقة إلى الإعلام الرقمي السعودي منتوجًا وتأثيرًا، كما سلطت الضوء على الفن التشكيلي السعودي واتجاهاته نحو العالمية برسائله المتعددة مبرزة رسالة السلام، ولم تُغفل دور المرأة السعودية حضورًا وتفاعلًا في ظل الرؤية ودعم القيادة الرشيدة، مركزة كذلك على دور المملكة في محاربة الفكر الإرهابي والجماعات المتطرفة، وتطرقت إلى اليمن الشقيق، بتناول مستقبله حول الإنسان والتنمية، مشيرة إلى دور الإعلام في ظل الأزمات..
نظرة تاريخية
الجلسة الحوارية التي عقدت مساء الثلاثاء 8 يناير ٢٠١٩ حملت عنوان «الإعلام وصناعة الخوف والتوحش» بمشاركة الدكتور فهد الطياش عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، والدكتور فايز الشهري عضو مجلس الشورى، والدكتور أحمد سمير حمّاد أستاذ الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأدار الجلسة رئيس قسم الإعلام بجامعة الملك سعود الدكتور علي دبكل العنزي، وألقى المتحدثون خلال الندوة نظرة تاريخية على مصطلح «التوحش الإعلامي»، وناقشوا علاقة الإعلام بصناعة الخوف والتوحش، وأثر ذلك على الجمهور بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص، إضافة لجوانب أخرى عديدة ذات علاقة..
وظيفة مجتمعية
في بداية الجلسة تحدث د. فايز الشهري قائلاً: يعد العنوان مثيراً وهو «الإعلام وصناعة الخوف والتوحش»، ففي السنوات الأخيرة كثر الهجوم على الإعلام، والإعلام منتج إنساني يمثل رؤى الناس وأفكارهم واتجاهاتهم وما يعبرون عنه، وللإعلام وظيفة مجتمعية اجتماعية، ومعظم وسائل الإعلام نمت في عهد الحروب، وحتى الإعلام الدولي الناطق باللغة العربية نشأ من أجل خدمة الحروب لا من أجل الترفيه ونشر الأخبار والمعلومات.
وأضاف قائلاً: لو نظرنا إلى الإعلام واستخدامه لصناعة الخوف والتوحش، نظرة تاريخية، فلابد من التركيز على هذا المصطلح «التوحش»، فأول مرة ظهرت مفردة «توحش» كانت عند تنظيم القاعدة مع نهايات التسعينيات أو بداية الألفية، ثم استوردته الإدارة الأمريكية واستخدمته ثم حولته إلى «الفوضى الخلاقة» لجعل المجتمع في فوضى ثم يعاد تركيب المجتمع بما يشاء هذا المارد الكبير، لذلك الإعلام لم يخترع مصطلح «التوحش».
غرس ثقافي
من جانبه أوضح د. فهد الطياش أن «التوحش» أصبح متلازمة هذا العالم، فعندما نخرج من منازلنا نجد بيوتنا تحولت لأسوار عالية ومعظمها مراقب بالكاميرات، وعندما نشاهد نوافذ المنزل في الدور الثاني نجدها ملتفة بالحديد لدرجة أنه لو اشتعل حريق لما استطاع أحد من سكان المنزل الخروج منها، فنعود للسؤال: لماذا كل هذا الخوف؟!
وأجاب قائلاً: لأن الصورة الذهنية التي رسخت في أذهاننا هي أن هذا العالم الذي نعيش فيه هو «عالم متوحش ومخيف»، وأننا قد نكون الضحية في أي يوم من الأيام، وفرضية العالم المتوحش تقول: كلما ازداد استخدامنا لوسائل الإعلام كلما حلت صورة الإعلام في عقولنا تدريجيًا، فنحن نقبلها ونفتح لها الأبواب لتحل محل الصورة المعاشة، وهو نتاج لنظرية الغرس الثقافي التي تقول إن صورة الواقع المرئي والمتلفز تحل محل التجارب المعاشة من الذات أو الآخرين، وبالتالي أصبحنا مبرمجين وضحية.
مطر رقمي
وأضاف: الدورات الاتصالية المتتابعة تؤثر بنا ونؤثر بها، ونجد اليوم أننا في محيط مليء بالرموز، وهذه الرموز بحاجة إلى تفسير، وينم التفسير عن طريق البحث عن معنى نفهمه، ووسائل الإعلام أصبحت جزءاً لما نتعرض له في حياتنا اليومية، وبالتالي أصبحت وسائل الإعلام عندما تجد العنف تصنعه، وهناك دراسة عن معدل انتشار الجريمة في المجتمع الأمريكي وجدت أن الجريمة منتشرة بنسبة 13%، لكن تغطية وسائل الإعلام للجرائم زادت 100%، وهناك دراسة وجدت أن الأخبار أصبحت درامية تبدأ بقصص العنف «حرائق، جرائم، كوارث»، ثم تنتقل للأخبار الأخرى.
وأضاف قائلاً: منصات التواصل الاجتماعي أصبحت تضخم العنف وتدعم السلبية في تناغم عالمي ليس على المستوى المحلي وحسب، وقد أجرت فيس بوك تجربة عام 2014 على 700 ألف مستخدم دون أن يشعروا تحت مسمى «العدوى العاطفية»، حيث تم تقليص العروض الإيجابية التي تعرض لهم، ونتج عن ذلك تقليص المشاركة أو مشاركة سلبية.
رؤية إعلامية
الدكتور أحمد سمير حمّاد أستاذ الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود، ركز في طرحه على تأثير وسائل الإعلام على الأطفال، فقال إن مسألة الإعلام وصناعة الخوف والتوحش تنعكس على الأطفال وتتمثل في سلوكيات غير مرغوبة، أبرزها العنف والخوف والانعزال، لكن المشكلة نحن نرى أن الخوف مسألة طبيعية لدى الأطفال، والحقيقة أن وسائل الإعلام لا تنقل الواقع إنما تنقل رؤية الإعلاميين والمبدعين للواقع، كما أن الأفراد لا يمكنهم أن يدركوا الواقع كما هو.
وأضاف متسائلاً: هل من الطبيعي أن يتعامل الإعلام مع الطفل بهذا الأسلوب؟ وأجاب بأن المسألة مرتبطة بطبيعة الشخصية التي يراد بناؤها، فمنتجو الرسائل الإعلامية العالمية الموجهة للطفل يستهدفون بناء شخصية قادرة على الاندماج في مجتمعاتهم والمجتمعات الرأسمالية تتطلب وجود شخصيات تنافسية صراعية، ويجب بناء منظمة للاستخدام الآمن لوسائل الإعلام وبشكل خاص مع الأطفال.
إضافة تعليق جديد