تغطية: عبدالعزيز العمران، ضحى رشيد، العنود المنيعي
نظم البرنامج الثقافي ندوة بعنوان «الدبلوماسية الشعبية والاتصال الدبلوماسي» للأسبوع الثاني على التوالي بعد ندوة «الإعلام وثقافة الاستهلاك»، وذلك ضمن فعاليات الملتقى الإعلامي الذي انعقد بالشراكة بين قسم الإعلام بجامعة الملك سعود، والجمعية العربية السعودية للفنون والثقافة، والذي بدأ فعالياته منتصف أكتوبر الماضي تحت إشراف الدكتور فهد الطياش والدكتورة أمل التميمي، بالخيمة الثقافية بمقر الجمعية.
شارك في الندوة نخبة من أساتذة قسم الإعلام بجامعة الملك سعود منهم د. علي دبكل العنزي، د. ثريا البدوي، د. حسن منصور، د. عادل المكينزي، أ. عماد المديفر، في حين تولى إدارتها الدكتور مطلق المطيري أستاذ الإعلام السياسي بالقسم، والدبلوماسي الأسبق.
قوة الإعلام
استهل الندوة الدكتور علي العنزي أستاذ العلاقات الدولية ورئيس قسم الإعلام بجامعة الملك سعود بالترحيب بالمشاركين والحضور، ثم التعقيب على موضوع الندوة بقوله: «لا يمكن الفصل بين السياسة والإعلام لحاجة الطرفين لبعضهما البعض من أجل الوصول لأهدافهما» موضحاً قوة الإعلام وعلاقتها بالقوة السياسية والاقتصادية للدول.
القوة الذكية والأمن
تناولت الورقة البحثية الأولى للدكتورة ثريا البدوي العلاقة بين القوة الذكية وتأكيد الأمن القومي للدول بما يسهم في التعاون بين الشعوب ويدفع بهم نحو تبني الأهداف القومية، ويمنح الدولة سلطة أخلاقية، فيما استعرضت البدوي الاستراتيجيات الاتصالية في نموذجي الدبلوماسية العامة المصرية والإسرائيلية والتكتيكات المستخدمة في كل منهما، وقد خلصت الورقة إلى ضرورة إعادة النظر في تسويق العلامة التجارية للدولة في ضوء خصائصها، والجمهور المستهدف، والتعامل مع الأزمات من منظور استراتيجيات المواجهة، والاعتراف بالخطأ، والأفعال التصحيحية، ثم اختيار الاستراتيجية الإعلامية الملائمة لتحقيق الهدف.
الأصول التاريخية
من جانبه عرف الدكتور عادل المكينزي الأستاذ المشارك بالقسم مصطلح الدبلوماسية الشعبية والاتصال الدبلوماسي في ورقته الثانية بأنها جهود اتصالية تستخدم عدة أدوات أهمها الإعلام لإحداث التغيير بما يخدم المصلحة الوطنية وتعزيز الصورة الذهنية الإيجابية، وتحدث المكينزي عن الأصول التاريخية للدبلوماسية الشعبية مستشهداً بالآية الكريمة «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا»، مشيراً إلى حرص النبي عليه الصلاة والسلام على التواصل مع الشعوب وإيصال رسالة الإسلام.
مساحات شاغرة
كما أكد د. المكينزي على ضرورة التفريق بين الدعاية والدبلوماسية الشعبية من خلال الاتجاهات المستهدفة وقيمة الصدق في إيصال الرسالة للمتلقي، واختتم المكينزي ورقته بالتطرق إلى مكانة المملكة عالمياً والتحديات التي تواجه الدبلوماسية الشعبية للمملكة وتأثيراتها وضرورة مواجهتها، وطالب أن تنهض مؤسسات المجتمع المدني والنخب بأدوار تعضد المؤسسة السياسية عبر التواصل مع فئات نظيرة في الدول الأخرى لخدمة المصالح الوطنية، مشيرًا لوجود مساحات شاغرة يمكن أن تستثمر من خلال عملية تواصلية تأتي ضمن استراتيجية طويلة الأمد تعتمد على تنمية العنصر البشري الذي يفهم الآخر ويتعاطى مع ثقافته ولغته.
متطلبات واحتياجات
من جهته أوضح الدكتور حسن منصور أستاذ الإعلام المشارك، أن أساليب الدبلوماسية الشعبية تتمحور حول وسائل الإعلام التقليدية والحديثة والمعارض واللقاءات العلمية والرياضية والأفلام والموسيقى، إضافة إلى أساليب التجارة والاستثمار واستراتيجيات الدعم في العلاقات لكسب الحلفاء، التي تصب في مد جسور التواصل لتحقيق المصلحة الوطنية للدولة، مؤكداً أن متطلبات الدبلوماسية الشعبية واحتياجاتها تكمن في مؤسسات المجتمعات المدنية الفعالة وتنمية الحس الوطني والمسؤولية الفردية والجماعية تجاه الوطن ومصالحه، وحاجة الدبلوماسية الشعبية لنهضة إعلامية ورياضية وثقافية وتفعيل الأداء السياسي والاقتصادي، بالإضافة لتراكم الخبرة التاريخية.
بالون الاختبار
اختتمت المحاضرة بورقة عمل للأستاذ عماد المديفر المتخصص في القوة الناعمة، الذي تحدث عن مفهوم الاتصال الدبلوماسي بأنه علم إدارة العلاقات الدولية بين الدول والقدرة على التفاوض، مبيناً أن الفرق بين الاتصال الدبلوماسي الداخلي والخارجي يكمن في أن الأول يحدث داخل المنظمة بين السفارات ووزارة الخارجية على سبيل المثال، بينما يحدث الثاني خارج المنظمة في إطار العلاقات بين دولتين أو عبر المنظمات الدولية كجامعة الدول العربية، في حين أشار إلى الدور الوسيط الذي تلعبه دبلوماسية الإعلام، فيما يسمى «بالون الاختبار».
10 قواعد
ثم دلف إلى شرح القواعد العشر التي ينبغي على الممارسين للعمل الدبلوماسي الشعبي أن يتنبهوا لها، ويأخذوها بعين الاعتبار لتحقيق أفضل النتائج، كان أبرزها ضرورة فهم الأهداف السياسية، وتكوين الهدف للعمليات الاتصالية، وتحديد قياس النجاح والفشل، وأهمية تحديد الجمهور المستهدف، ومعرفته بعمق، كما أعطى لعنصر «الاستماع» مكانة عالية في العمل الدبلوماسي الشعبي، كونه «اتصال ذو اتجاهين»، يأخذ بعين الاعتبار مصالح الجماهير المستهدفة، ويجعلها منطلقاً لعمليات الإقناع، كما عرّج على عنصر إنشاء وتطوير الرواية السردية أو القصة أو الصورة التي ينبغي لها أن تقبع في العقل الباطن كخلفية للتواصل، وشدد على أهمية الثقة والمصداقية عند القائم بالاتصال، ومتابعة مدى تحقيق الوعود والالتزامات السياسية، ورفع مستوى الكفاءة باستخدام القوة المزدوجة وتوظيف الوسائل المتاحة وتطويرها دون الحاجة للبدء من الصفر.
محمد العثيم
وكان أ. المديفر قد استفتح مداخلته بالحديث عن الأديب والمسرحي السعودي الكبير محمد العثيم -يرحمه الله- وذكر مآثره، وكيف أن الخيمة الثقافية في جمعية الثقافة والفنون كانت في الأساس من بنات أفكاره، حين عمل -رحمه الله- على إنشائها لتكون ورشة عمل مسرحي، ومشعلاً للثقافة في الجمعية، وناشد المديفر -وسط تصفيق حار من الحضور- رئيس جمعية الثقافة والفنون بإطلاق اسم «العثيم» على الخيمة، لتصبح «خيمة محمد العثيم الثقافية» تخليداً لذكراه، وعرفاناً واحتراما لجهوده العظيمة في خدمة الثقافة والفنون، والمسرح السعودي.
إضافة تعليق جديد