استمر مؤلف هذا الكتاب لمدة تقرب من أربعين عاماً، في متابعة الاستعمالات والتعبيرات الشائعة في لغة الكتاب والإذاعيين، وشرع مذ كان طالباً بمعهد القاهرة الديني مروراً بمرحلة الدراسة الجامعية، في تسجيل الملاحظات حول الأخطاء اللغوية التي يقعون بها وتسيئ للمعنى وللجهة التي يمثلونها، ونشر تلك الملاحظات في عدد من المجلات الأدبية العريقة والرصينة في مصر وعدد من العواصم العربية كـ«الرسالة» و«الأدب» و«الأهرام» القاهرية، و«الآداب» البيروتية.
مادة ضخمة وموثقة
استطاع الدكتور أحمد مختار عمر من خلال تلك المتابعات والملاحظات التي دونها طيلة 4 عقود، أن يضع يده على كثير من أوجه القصور في ثقافة المذيعين اللغوية، وجمع مادة ضخمة وموثقة في هذا الكتاب قلما توفرت لباحث قبله، كما يتميز كتابه بميزة أخرى لا تقل أهمية عن الميزة السابقة وهي احتواؤه على جداول تلخيصية، ومادة تدريبية كبيرة مستمدة من اللغة الفصحى المستعملة اليوم، وليس من لغة التراث أو من كتب الأخطاء الشائعة أو التصويب اللغوي.
منهج الجمع والتأليف
- أعطى المؤلف اهتماماً خاصاً لأخطاء المشاهير من الأدباء والكتاب ولأصحاب الأعمدة والمقالات الثابتة في الصحف والمجلات.
- ركز في المادة المسموعة على «إذاعة القاهرة» بشكل خاص واقتصر على البرامج الإخبارية والسياسية، إضافة لتسجيل بعض الملاحظات على مذيعي النشرات الإخبارية في كل من إذاعة لندن، وصوت أمريكا، وإذاعة الكويت.
- عدم التعرض للهجات المحلية أو الأخطاء البديهية التي يقع فيها الكتاب والصحفيون.
- الالتزام بجملة مبادئ فيما يخص القبول والرفض أو التصحيح والتخطئة، منها: الأخذ فيما يتعلق بالقواعد بالمشهور الشائع وتجاوز الخلافات النحوية، التوسع بالقياس في كل ما ينمي الثروة اللغوية ويزيد اللغة سعةً على سعتها، تبني كثير من الآراء والأصول التي أقرها مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
فكرة الكتاب
قال المؤلف في المقدمة: اللغة المنطوقة تكشف من الأخطاء ما لا تكشفه اللغة المكتوبة، ولا يظنن ظان أن دافعي إلى التعرض للغة الإعلاميين بالنقد والتصويب هو محاولة الانتقاص منهم أو التقليل من الجهد الكبير الذي يبذلونه في تقديم أفكارهم مكتوبة أو مسموعة، أو أفكار غيرهم مقروءة بلغة صحيحة، وإنما دافعي الأساسي لهذا النقد هو الأخذ بيد من ينشد الكمال اللغوي من أصحاب القلم واللسان وبخاصة المذيعون ومعدو البرامج الإخبارية والصحفيون، لما أعرفه من أثر لغة الإعلام في الارتقاء بلغة الناس في المجتمع أو الانحدار بها.
أمثلة ونماذج
- في حديثه الديني صباح الأحد 25/ 11/ 1990م، قال الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الجامع الأزهر: «مجالس الغَيبة والنميمية» بفتح الغين، والصحيح كسرها.
- وفي حديث آخر له بتاريخ 9/ 12/ 1990م قال شيخ الأزهر: «من صفاتٍ ومهامٍّ» بتنوين «مهام» بالكسر، والصحيح أنها ممنوعة من الصرف.
- وفي جلسة افتتاح مجلس الشعب المصري ألقى الدكتور أحمد فتحي سرور، بعد انتخابه رئيساً للمجلس، كلمة قصيرة أخطأ فيها عدة أخطاء لغوية، منها عطف منصوب على مرفوع، نصب الفاعل، ضم راء «تجربة»، قطع همزة الوصل وغيرها، مع أن الصحف المصرية كانت حريصة على أن تبرز ضمن مواهبه أنه «متحدث من الطراز الأول، وأنه يجيد فن الحوار». جريدة الأخبار عدد 13/ 12/ 1990م.
- قول سامية صادق: «إنه لنا نعم الأب والجِد» بكسر الجيم والصحيح فتحها.
- قول أحمد سمير: «فأردُوه قتيلاً» بضم الدال والصحيح فتحها. وقوله «قد خسر مباراتِه» بكسر التاء توهماً أن الكلمة من جمع المؤنث السالم.
إضافة تعليق جديد