لا شك أن العمل التطوعي أصبح اليوم أحد أهم المعالم الحضارية لأي وطن أو مجتمع، وليس من المبالغة القول إن مقياس حيوية المجتمع ورقيه وتطوره يرتبط برقي الأفراد والمؤسسات في ميادين العمل التطوعي.
والحديث عن العمل التطوعي حديث متشعب، وهناك عدة إيجابيات ومكاسب يجنيها المجتمع والفرد من العمل التطوعي، أبرزها تحقيق الراحة النفسية والسعادة المعنوية للفرد واستعادة التوازن النفسي المفقود، وتحقيق مصالح الناس وتخفيف العبء على المؤسسات الحكومية.
كما أن العمل التطوعي يكسب الإنسان الحيوية والنشاط وينمي عنده قدرات ذهنية ومهارات ومؤهلات سلوكية، فالمتفاني في العمل التطوعي يملك من الطاقات الحيوية والنشاط
ما لا يملكه غيره، وقد نجده تقدم به العمر ونشاطه أوسع وأكبر من نشاط شاب في مقتبل العمر، فالعمل التطوعي دافع يحيي لدى الإنسان قوة داخلية تنمي إرادة الإنسان وثقته بنفسه، ويزيد قوة شخصيته ويكسبه الخبرة والتجربة الاجتماعية التي تساعده على النمو الاجتماعي وتكامل شخصيته.
والعمل التطوعي طريق لنيل محبة الناس، فمن تطوع لخدمة الناس، فقد اختار طريقاً لكسب قلوبهم ومحبتهم، فالمتطوع محبوب لدى الناس، يدعون له بظهر الغيب، يبتسمون في وجهه، ويزرعون لديه التفاؤل والاطمئنان، والعمل التطوعي يحقق الرفقة الصالحة ويوسع دائرة علاقات الإنسان وارتباطاته الاجتماعية، فالإنسان اجتماعي بطبعه، وبحاجة إلى صحبة تشاركه أهدافه وآماله وهمومه، والعمل الخيري التطوعي يتيح للإنسان اللقاء بأهل الخير والصلاح ممن أحسنوا اختيار أوقاتهم واهتماماتهم لإنجاز عمل مفيد لمجتمعهم، كما يتيح له الالتقاء بأكبر عدد ممكن من الناس، فيربطه أكثر بالنسيج الاجتماعي للمجتمع.
ومن الناحية الاجتماعية يشبع العمل التطوعي الكثير من حاجات الإنسان الاجتماعية والنفسية مثل الحاجة إلى التقدم والنجاح، والحاجة إلى الانتماء، والحاجة إلى الأمن والحاجة إلى تأكيد الذات، كما أن العمل التطوعي عبادة لله، وطريق لنيل الثواب العظيم، فالنية تجعل كل حركة في حياة الإنسان عبادة إذا قصد بها وجه الله، والقائم على الخير وخدمة الأرملة والفقير واليتيم كالمجاهد على الثغور.
ولا شك أن خدمة الناس قُربة يتقرب بها الإنسان نحو خالقه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ولقد علمنا الإسلام من خلال النصوص الدينية ما خص الله به من أجر لفاعل الخير والدال على الخير، والتطوع خير وطاعة، عمل وعبادة، يتقرب بها الإنسان إلى ربه، وهي موازين تملأ الميزان بالحسنات وترجح كفة الخير والطاعة، وتوجب له المزيد من ثواب الله ورضوانه.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من قضى لمؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة أدناها الجنة». وتؤكد نصوص كثيرة على أن مساعدة الناس وخدمتهم أرجح فضلاً عند الله من العبادات والنوافل كالحديث المروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: «من قضى لأخيه المؤمن حاجة كان كمن عبد الله دهراً» وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من مشى في عون أخيه ومنفعته فله ثواب المجاهد في سبيل الله»، جعلنا الله وإياكم من أهل الخير والتطوع لخدمة المجتمع، وأجزل الثواب والأجر للعاملين في خدمة الناس.
سعد العجمي
كلية العلوم
إضافة تعليق جديد