تتأثر أجسادنا لا شعوريا بالوقت من خلال الساعة البيولوجية، والمثير للدهشة هو أن كل خلية تقريبا تمتلك ساعتها البيولوجية الخاصة، مما يعني أن الوقت يمثل جانبا مهما في علم الأحياء.
وقد استعرضت دراسة جديدة صادرة عن جامعة كاليفورنيا، إيرفين University of California, Irvine الآلية التي تتحكم بها الساعة بجوانب مختلفة من التوازن، وكيف تنسق الأعضاء وظيفتها على مدار اليوم، ونشرت الدراسة في دورية ساينس Science بتاريخ 12 فبراير 2021م.
يرى الباحثون أن فهم كيفية تكامل الساعة البيولوجية مع وظيفة الأعضاء له آثار جيدة على صحة الإنسان، حيث يمكن أن يكون الاضطراب ما بين الساعة البيولوجية والإيقاع اليومي سببا في الإصابة بالعديد من الأمراض بما فيها مرض السكري والسرطان أيضا.
ولفهم أفضل لأثر الساعة البيولوجية، استهدف الباحثون الكشف عن الدوائر الفسيولوجية ما بين الأعضاء المختلفة التي تصل معها الساعات البيولوجية إلى حالة من التناسق والانسجام كتلك التي ما بين الدماغ والكبد مثلا، وأجريت تجاربهم على خلايا بشرية وعلى الفئران أيضا.
وثبت لهم أن الساعات البيولوجية تعمل على مواءمة العمليات الداخلية مع الوقت الخارجي، مما يمكن أشكال الحياة المتنوعة من توقع التغيرات البيئية اليومية مثل دورة الضوء والظلام.
وفي الكائنات الحية المعقدة، تبدأ وظيفة هذه الساعة من الساعة الجزيئية المشفرة وراثيا داخل كل خلية وتتصاعد تشريحيا إلى نظام أعلى على مستوى الكائن الحي. وهكذا يمكن أن يؤدي اختلال التوازن اليومي -الذي يفرضه المجتمع الحديث- إلى تعطيل هذا النظام مما يسفر عن آثار ضارة على الصحة إذا طال أمده.
ووفقا للبيان الصحفي الذي أصدرته الجامعة، فإن فريق البحث يرى أن «لإستراتيجيات ضبط ساعاتنا وتعزيز الإيقاعات اليومية آفاقا واعدة في الدراسات ما قبل السريرية، والتي توضح أهمية كشف هذا الجانب من طبيعتنا وإطلاق العنان للإمكانات التي يحملها للعلاجات والأدوية المستقبلية».
وحسب الدراسة كانت ساعات أسلافنا البيولوجية في تناغم دائم مع البيئة، على عكس مظاهر الحياة الحديثة التي نعيشها من إضاءة كهربائية وسفر عالي السرعة وتوافر دائم للطعام وعمل دائم على مدار الساعة، وهذا جعل من مواءمة ساعتنا الداخلية مع الوقت الجيوفيزيائي تحديا في عالم اليوم، وهكذا بات من الضروري أن نكشف النقاب عن الأسس الجزيئية للعلاقة بين الساعة البيولوجية والمرض.
وتم إثبات أن فك رموز الوسائل التي تتواصل بها الساعات عبر أعضاء التمثيل الغذائي يمنحنا القدرة على تحويل فهمنا لعملية التمثيل الغذائي، وقد يحمل وعودا علاجية لإستراتيجيات مبتكرة وغير جراحية لتعزيز الصحة.
إضافة تعليق جديد