يقف قطاع البناء والعمران على مشارف ثورة تقنية كبيرة بعد ظهور تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد وتحقيقها قفزات هائلة ومتسارعة، وقد أظهرت هذه التقنية بشكل جلي القدرة على إحداث ثورة رقمية واضحة المعالم في عدد من المجالات، ومن بينها المجال العمراني، وكما تعرفها بعض المراجع والأبحاث بأنها تقنية حديثة نسبياً يمكنها إنتاج أشكال متداخلة بدرجة عالية من التعقيد وبأقل ما يمكن من المواد الخام على عكس طرق التصنيع الأخرى، وتتيح تصنيع أجزاء دقيقة معقدة قد لا يمكن الحصول عليها بتقنيات أخرى وتعتمد هذه التقنية على ملفات رقمية يتم انتاجها بواسطة برامج الحاسب الآلي المتخصصة في التخطيط والتصميم.
وقد فتحت هذه التقنية المجال على مصراعيه لكل المهندسين والمتخصصين في الصناعات الهندسية الدقيقة والمتطورة للحصول على النماذج المبدئية بكل سهولة وسلاسة، ومن ثم إمكانية عمل التعديلات بتكلفة أقل وسرعة أكبر، وهذا ما ساعد الشركات الكبرى في تطوير وتحسين منتجاتها بما يتناسب مع متطلبات العصر.
وفي مجال العمران تمكن المعماريون والمخططون من الاستفادة من هذه التقنية في عمل المجسمات والنماذج المعمارية عوضاً عن الطرق التقليدية لصناعة المجسمات والنماذج باستخدام الورق المقوى والفلين وغيرها من المواد، وكل ذلك بكلفة ووقت أقل، علاوة على إمكانية تطوير نماذج مختلفة ومطورة من التصميم المبدئي بوقت قياسي ودون الحاجة لمصادر خارجية، وكذلك تقليل الفجوة بين توقعات من يُصمم لهم وتوقعاتهم وماسيتم بناءه أو تنفيذه بالشكل والتكلفة الحقيقية.
وقد صرحت شركة بيري (BREI) الألمانية وهي أحد الشركات المتخصصة بتقنيات قوالب البناء بأنها تعتقد اعتقادًا جازماً بأن الطابعة ثلاثية الأبعاد ستحدث ثورة رقمية هائلة في البناء وذلك لقدرتها على تسريع عملية التصنيع في عملية البناء في أرض الموقع، وذكرت أن الهدف من تشييد عدد كبير من المباني في فترة زمنية قصيرة وبتكلفة أقل هو ما يدفعنا في جعل هذه التكنولوجيا نجاحًا تجاريًا اقتصادياً للمستقبل القريب، وتضيف إن إنشاء مبانِ مستدامة طويلة الأجل يمكن أن تساعد في منح المجتمعات خيارًا أفضل في استخدام مواد البناء بدلاً من ممارسات البناء كثيفة الكربون مثل الخرسانة، وتقوم الشركة بإضافة تصميمات أكثر ذكاءً، بما يمهد الطريق لهذه التقنية للحصول من خلالها على بيئة مبنية تتمتع باستدامة أكبر.
م. علي عجلان
كلية العمارة والتخطيط
إضافة تعليق جديد