جودة التعليم في أي بلد او أي مجتمع من الركائز المهمة لذلك الوطن والمجتمع. بهذا التعليم يقوم الوطن بإعداد كوادر المستقبل من أطباء ومهندسين واقتصاديين ورجال أمن، إضافة للإداريين المحنكين الذين يقودون المنشئات والإدارات سواء كانت خاصة ام عامة. إذن، جودة التعليم هي من الأولويات القصوى لكل وطن ومجتمع وهي ربما في أهميتها تماثل أهمية حماية الحدود ومقارعة أعداء الوطن.
التعليم النظامي في عصرنا الحالي لربما هو المصدر الأساسي لكسب العلوم لأي فرد في المجتمع منذ دخوله مرحلة الابتدائي وما قبلها وحتى المرحلة الجامعية وما بعده، وليس كما كان قديما في استخدام طريقة الكتاتيب وما شابهها في تعليم الأساسيات فقط لمن يرغب. في العصور القديمة يكون التعليم من مسؤولية الوالدين والأسرة والمتعلم نفسه عندما يكبر، ولا يوجد مدارس وجامعات نظامية لتعليم جميع نشء المجتمع. الآن جودة التعليم وتحقيق الحد المنشود منه من مسؤولية المدارس والجامعات وذلك للتأكد من أن جودة التعليم والجرعة التعليمية التي تعطى لطالب العلم هي كما ينبغي ان تكون وكما خطط لها في منهج المقرر وفي سياسة التعليم بشكل عام.
اثناء ذروة الجائحة الحالية وعندما كان التعليم العام عندنا بشكل كامل عن بعد وبواسطة المنصات التعليمية مثل منصة «مدرستي» نسمع ان بعض المعلمين في بداية الدرس الذي لا يتجاوز خمس وثلاثون دقيقة يقوم بتحضير الطلبة واحدا واحدا، ثم يطلب من طلبته قراءة صامته للدرس لمدة خمس دقائق، وبعد ذلك يعلن الأستاذ قبل انتهاء الدرس بأنه وقت صلاة ويريد أن يصلي وعليهم أداء الصلاة. إذا كان هذا كله او بعضة موجود في درس قصير فماذا بقي لشرح الأستاذ واعطاءه الجرعة المطلوبة من المنهج المحدد. ايضا في التعليم الجامعي تجد أن بعض شعب المقررات قد انهت المحاضرات قبل موعد الامتحان النهائي بأسبوعين او ثلاثة، وهذا يعني ان أستاذ المادة درّس أقل من أحد عشر من خمسة عشر أسبوعا مقررا أصلا في طول الفصل الدراسي!
بناءً على ما متقدم يحق لنا ان نتساءل ونقول: هل ثوب المنهج مفصل على قامة الفصل الدراسي؟ لدينا الآن منهجين للمقرر وهو المنهج المحدد من قبل الجهة المخولة لذلك، والمنهج الآخر الذي يعطى فعليا للطلبة، فهل عندما نتكلم عن هذين المنهجين نستطيع ان نقول إن سعيّد أخو مبارك، او نقول إن سعيّد هو مبارك نفسه. المشكلة العويصة لدينا هو إذا انكشف الأمر ووجدنا أن سعيّد ليس له علاقة بمبارك وإنما هذا من عِرْق والثاني من عِرْق آخر مختلف! عندنا في الجامعة الاعتمادات الأكاديمية للأقسام والكليات شيء طيب ومطلوب، ولكن المشكلة ان الجودة في قسم ما لا تساير الحقيقة في التدريس الفعلي وأنك إن اطلعت على ملفات المقررات فستجد الكمال والتميز، ولكن الحقيقة فيها شيء من الحذر من مقولة (الخافي أعظم). نعتقد ان مراجع الجودة في الجامعات عليها مسؤولية التحقق من الجودة وجعل اسمها على مسمى.
أ. د. يوسف بن عجمي العتيبي
كلية علوم الحاسب والمعلومات
إضافة تعليق جديد