كثيرة هي القيادات التي تتولى إدارة المؤسسات هنا وهناك ثم تذهب ولا يُشكل رحيلها حدثًا لدى الموظفين، أما حين ترى فريق العمل يحزن لذهاب مسؤوله أو أحد قياديه، وتسمعهم يثنون عليه في جلساتهم الخاصة أو عند التقائهم في مصاعدهم أو مكاتبهم، فاعلم أنه مسؤول يعلم أن الإدارة هي فن كسب القلوب لا التسلط عليها، ويُعد الأستاذ الدكتور منصور الزامل خيــر من يمثل الإدارة المؤثرة، فمنذ تكليفه مشرفاً عاماً على عمادة شؤون المكتبات تعامل مع الجميع كأخ أكبر، مقدراً الجهود المبذولة، مشيداً بمن ينجز، ملاطفاً بأدب من يقصر في عمله مع احتفاظه بعلو مكانته، واستطاع أن يصل بفريق المكتبة إلى الانسجام، والتفاني في أداء المهام بعيدًا عن جو الضغوطات ولغة التهديدات، وبالمجمل كان نهجه التعامل مع الموظفين تعاملا إنسانيًا، مستشعرًا أن الموظف بشر يؤثر فيه التقدير والتعزيز، وينهكه التهميش والتهديد والتأنيب المفرط، مراعيًا الجوانب الإنسانية والاجتماعية لفريقه، مع حرصه على مصلحة المؤسسة وضمان سير العمل وفق أهدافها واستراتيجياتها، وهكذا يجب أن يكون المسؤول في أي مؤسسة، ومن كان كذلك لا شك أنه ناجح وسيرقــى بالإدارة التي تُسند إليه، وتتسابق عليه الجهات، فإن حظيت به كان مكسبًا لها.
لقد ذهب الدكتور منصور، لكنه بقي وسيبقـى حاضرًا بمآثره، وما ذلك إلا لحسن قيادته، ورقي تعامله، ولا أدل على ذلك من الذكر الحسن الذي تركه في نفوس العاملين في العمادة، وما رافقه من دعوات حين وداعه، ليحل غيثاً نافعاً بعد تعيينه أمينا عاما لمكتبة الملك فهد الوطنية، فهو الرجل المناسب في المكان المناسب، فله وافر الشكر، ورافقه التوفيق أينما حلّ.
ولم تمض سوى أيام بعد وداع الدكتور الزامل حتى بلغنا انتهاء تكليف الدكتورة إسراء الطريقـــي وكيلة العمادة لشؤون الطالبات، وهي التي عملت بتــفان وصدق وأمانة منذ تعيينها، وحرصت على رفع جودة الخدمات الإلكترونية، وتوظيف التقنية، وازداد ذلك في ظل جائحة كورونا التي غيرت العالم، وقيدت الحركة، ومنها تعليق الحضور إلى مقرات العمل. وأمام هذا الوضع عملت الدكتورة إسراء وفريقها المتميز في مكتبة الأميرة سارة بكل اقتدار للتغلب على هذا الظرف الطارئ، وتمكنت من تقديم مجموعة من الخدمات عن بُعد، يصعب حصرها في هذه السطور، إنها نموذج من نماذج السعوديات المشرفات المنجزات، فلها ولكل فريقها الشكر الذي يليق بهن.
نعم ذهب المشرف العام والوكيلة وانتهى عملهما الذي كُلفا به، لكنهما بقيا بإنجازاتهما، وحسن تعاملهما؛ ورقيهما، وسيرحل المسؤول أيًّا كان كبيراً أو صغيرا، لكن ماذا عن أدائه؟ وماذا عن إدارته؟ وماذا عن زملائه حال وداعه؟ الناجحون يضعون لهم خطة عمل واضحة، ويدركون أنهم يعملون ضمن فريق لا أفراد.
وعلى العاملين في أي منظمة أن يدركوا أن عليهم مسؤولية سير العمل بالشكل المطلوب، والسعي إلى إرضاء ربهم أولاً، ثم خدمة دينهم ومليكهم ووطنهم، وأن يتركوا الوصاية والتحزب والقفز على أكتاف الآخرين، والتشكي، والتذمر من العمل وبيئته، وترك الوشاية، والدعاوى الكيدية، والغيرة والحسد، والقيل والقال، وإضاعة أوقات الدوام الرسمي فيما لا يعود بالنفع على المؤسسة، وعلينا الاقتداء بالهدي النبوي الكريم، ورفع شعار «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، و»المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره».
ماجد بن علي الشهري
عمادة شؤون المكتبات
إضافة تعليق جديد