دور المشاركة المجتمعية في جودة الحياة بالمدن

 

 

ترتكز الإدارة العمرانية المعاصرة على عدة ركائز منها:  توسيع قاعدة المشاركة المجتمعية في المشروعات وبرامج التنمية، وتحقيق أعلى درجات الشراكة مع القطاع الخاص، وتمثل «المشاركة المجتمعية» إحدى الممارسات الرئيسة في الإدارة الحضرية للمدن، حيث تقوم بدور أساسي وفاعل في تحسين جودة الحياة، وتشمل المشاركة المجتمعية عدة أطراف منها السكان المنتفعون، والمجالس المحلية والإقليمية والمشتغلون بقطاعات التنمية... وغيرها، ويطلق على عموم هذه الأطراف شركاء التنمية. وبالمشاركة المجتمعية ترتقي المجتمعات وتتحسن الأوضاع، وبدون مشاركة مجتمعية فاعلة يصعب على الحكومات أن تقوم بدورها بكفاءة في رسم السياسات ووضع الخطط وتنمية الموارد.

وبالنظر للعديد من الدول التي ارتقت عمرانياً وازدهرت اقتصادياً، وتحسنت أوضاعها ومستويات دخل مواطنيها، نجد أن غالبيتها انتهجت نظمًا اعتمدت على إدارات حكومية محلية واعية ومنضبطة، ومشاركة مجتمعية فاعلة قرأت بواقعية الموارد والإمكانات، ووضعت الأهداف، وتغلبت على المعوقات، واستحدثت البدائل والاطروحات، وابتكرت أساليب غير تقليدية لمشاركة أصحاب المصلحة وشركاء التنمية، مما ساعد على تعزيز المكتسبات والارتقاء بالبيئة العمرانية وجودة الحياة فيها، وهذه المؤشرات ساعدت بشكل إيجابي على رفع الكفاءات والقدرات البشرية. 

ومن تجارب الدول كان من أهم مؤشرات نجاح إداراتها المحلية  أنها التحمت بالسكان، ومدت يديها لهم وأشركتهم في التنمية والعمران، واستفادت من طموحاتهم من أجل الارتقاء والتحسن، وبالتالي «بدلا من أن يكون المواطن متلقيًا للتنمية، أصبح شريكاً أصيلاً في التنمية»، وبذلك وجب عليه الحفاظ عليها وعلى مكتسباتها. وبالطبع تحتاج المشاركة المجتمعية لكي تنجح أن يُفعّل دور المجالس المحلية والإقليمية، وأن تُعطى دورا أكبر ومشاركة أعمق في الممارسة المهنية، كما تحتاج مزيدًا من مشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية وبرامجها. ومما يساعد أيضاً على مشاركة مجتمعية ناجحة  «تنمية الوعي المجتمعي» بأهمية المشاركة المجتمعية ودورها  في عمليات التطوير والتحسين للمشهد الحضري بالمدن.

الخلاصة: اتجهت غالبية دول العالم إلى تفعيل دور المشاركة المجتمعية وآلياتها المشارِكة بشكل أكبر وأعمق من خلال إداراتها المحلية، وإن ذلك من شأنه أن يساهم إيجابياً في الارتقاء بالبيئة العمرانية ومستوى جودة الحياة، ولكي يتحول المجتمع من متلقٍّ ومستقبل للتنمية إلى شريك أصيل فيها، وبالتالي يزداد حرصاً عليها، وذلك في إطار يحقق الأهداف ويرتقي بالمجتمعات وينطلق بها لمستقبل أفضل بإذن الله .

 

أ.د. أسامة سعد خليل

أستاذ التخطيط العمراني والإقليمي

كلية العمارة والتخطيط

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA