د. اللحيدان: روسيا تسعى إلى تغيير النظام العالمي بمساعدة بعض الدول
رسالة الجامعة: قماش المنيصير
نظمت الجمعية السعودية للعلوم السياسية بالجامعة محاضرة عامة بعنوان « النظام العالمي في ضوء الأزمة الأوكرانية «في كلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة وقد شارك في تقديم هذه المحاضرة كلٌّ من: الدكتور صالح بن محمد الخثلان والدكتور عبد الله بن فهد اللحيدان. بدأت المحاضرة بكلمة ترحيبية بالمشاركين والحضور ألقاها نائب رئيس الجمعية الدكتور مرزوق العشير، مشيراً إلى أن هذه المحاضرة تأتي ضمن سلسلة أنشطة الجمعية لهذا العام، وسيعقبها ندوات ومحاضرات وورش عمل ودورات تدريبية إن شاء الله.
ثلاثة محاور
وقد تناولت المحاضرة ثلاثة محاور أساسية وهي: أسباب الأزمة الأوكرانية، ومصادر التغيير في النظام العالمي، وفرص تشكل نظام دولي متعدد الأقطاب.
أسباب الأزمة وتفسيراتها
بدأ المحاضرة الدكتور صالح الخثلان الذي تحدث عن أسباب الأزمة، مشيراً إلى وجود تفسيرين للأزمة: التفسير الأول والأكثر شيوعاً يؤكد على أن قرار بوتين باجتياح أوكرانيا كان ردة فعل مجبرًا عليها؛ لحماية مصالح إستراتيجية لروسيا، فقد تدخل لمنع دخول أوكرانيا في حلف الناتو لما يشكله ذلك من تهديد لأمن روسيا ووجودها. وبالإضافة إلى هذا الجانب الإستراتيجي هناك جانب معنوي قوي وهو أن أوكرانيا -تاريخياً وثقافياً وروحانيا- هي دولة الأمة الروسية .
والتفسير الآخر يقول: لكي نفهم القرار لابد أيضا أن نقرأ أيديولوجية بوتين، فهو يمثل رؤية مختلفة، وله نسق عقدي يحكم علاقاته الخارجية، عبّر عنه في بداية عام 2007م حينما شن هجوماً عنيفاً جدا على الغرب وغطرسته وتوسّعه ومحاولة إضعاف روسيا وفرض قيَمه عليها .
وأضاف الدكتور الخثلان أن بوتين يرى أيضاً أن أوكرانيا كيان مصطنع ليس له جذور تاريخية، وإنما تشكّل تدريجياً بعد قيام الاتحاد السوفييتي باقتطاع الحزب الشيوعي أجزاءً من الأراضي الروسية والتنازل عنها لإرضاء الغرب على حساب الأمة الروسية.
الأزمة الأوكرانية في المنظور الدولي
ومن جانبه ركز الدكتور عبد الله اللحيدان على الأزمة الأوكرانية من منظور دولي باعتبار أن ما يحدث في الواقع السياسي هو نتيجة للتفاعل بين العوامل الداخلية والخارجية، وبالتالي فإن الأزمة الأوكرانية لها أسبابها وجذورها التي تنبع من النظام العالمي، فقد بدأت جذورها عند انهيار النظام العالمي ثنائي القطبية، وأصبحت الولايات المتحدة القطب الأكبر والقوة العظمى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في التسعينات.
نظام دولي متعدد الأقطاب
وأضاف الدكتور عبد الله أن بوتين بعد أن وصل للسلطة عام 2000 م وتدخّل في الشيشان ثم في سوريا وغضّ الغرب الطرف عنه، اعتبر أن هذه نجاحات؛ مما عزز طموحاته في أن تستعيد روسيا مكانتها الدولية، لا سيما أن هناك قوى أخرى إلى جانب روسيا -كالصين والهند وجنوب أفريقيا- تسعى إلى تغيير النظام العالمي إلى نظام متعدد الأقطاب .
التحول في النظام الدولي
وأضاف الدكتور عبد الله أن التحول في النظام الدولي لا يحدث نتيجة حرب أو أزمة فقط؛ ولكنه كما حدث في الماضي يأخذ سنوات طويلة لكي يحصل التغيير، وهناك عوامل منها: وضع روسيا، وتطور الصين، وعوامل أخرى أهمها التطور التقني الذي قد يؤدي إلى تغيير النظام العالمي من نظام القطب الواحد إلى نظام متعدد الأقطاب .
منافسة الصين للغرب بنهج جديد
وأشار الدكتور عبد الله إلى أن المصالح هي التي تربط معظم دول العالم مع الغرب، فأرادت الصين أن تغيّر هذا وتنافس الغرب، وأن تكون قطبًا في النظام العالمي. فعندها قوة مادية وتريد أن تحولها إلى قوة سياسية ودبلوماسية؛ ولأنها تدرك أن قوة الغرب هي قوة عسكرية في المقام الأول، وأنه يسيطر على البحار والممرات المائية، فقد انتهجت طريقًا لتغيير النظام العالمي غير الطريق الروسي، فاتجهت إلى وضع مشروع للتنمية باسم « طريق الحرير»، ثم غيرته إلى مسماه الرسمي» الطريق والحزام «، وهو عبارة عن إنشاء سكك حديدية تمر عبر آسيا تشكل حزامًا بريًا وبحريًا، ليس لنقل البضائع من الصين للعالم فقط؛ ولكن سيقام على امتداده موانئ ومصانع ومخازن ومحطات وورش عمل وأنابيب لنقل الغاز، بحيث تستفيد كل الدول التي يمر بها هذا الطريق، ومن هنا ظهرت نظرية ماكندر « قلب الأرض «، ويقصد بها وسط آسيا وجنوب شرق أوروبا، وأن الذي يسيطر عليها يسيطر على العالم .
تقنية الصين الفضائية
وفي نهاية مشاركته ألمح الدكتور اللحيدان إلى أن الصين بالإضافة إلى اهتمامها بالسكك الحديدية اتجهت أيضاً إلى تطوير تقنية الفضاء؛ لتتمكن من تجنب الممرات المائية التي تقع تحت سيطرة الغرب وهي تسعى سعيًا حثيثاً في هذا الجانب لأنها ترى أنه لا بد من اختراع تقني فضائي يقابل سيطرة الغرب على البحار والممرات المائية.
تصريح خاص لرسالة الجامعة
قال الدكتور طلال ضاحي رئيس الجمعية:
تناولنا في هذه المحاضرة قضية تشغل الرأي العام العالمي وأتمنى أن نكون وُفِّقنا في إعطاء الجمهور فكرة عن هذه الأزمة وجذورها التاريخية وكيفية التعامل معها مستقبلا.
وفي لقاء صحيفة رسالة الجامعة مع الدكتور الخثلان قال:
الحرب في أوكرانيا قضية عالمية مهمة، حيث إن لها تداعيات كبيرة جدا على العالم كله، والهدف هو البحث في آثار هذه الأزمة على النظام العالمي، وهل هذه بداية إعادة تغيير في النظام العالمي؟
وقبل نهاية المحاضرة -التي كانت بإدارة عضو مجلس إدارة الجمعية الأستاذ سليمان بن عبد العزيز العقيلي- تم فتح المجال لأسئلة الحضور ومداخلاتهم، ثم قام رئيس الجمعية الدكتور طلال بتوزيع شهادات شكر وتقدير للمشاركين، وكذلك قدم شهادة شكر وتقدير للمدير التنفيذي للجمعية الأستاذ يوسف شلاش الشمري الذي تكفل بتكاليف إقامة هذه المحاضرة. وكان ذلك بحضور عميد الكلية د. عبد اللطيف بن محمد آل الشيخ وعدد من الأساتذة والطلاب والمهتمين من داخل الجامعة وخارجها.
إضافة تعليق جديد