الانجراف الريحي ظاهرة خطيرة في السعودية

67٪ من مساحة المملكة تعاني من الانجراف الريحي

تدهور الترب الزراعية أبرز اضرار الانجراف الريحي

أدعو المختصين إلى عمل مزيد من الدراسات العلمية للانجراف الريحي

حوار- محمد العنزي:

تعتبر المملكة العربية السعودية بحجم قارة في مساحتها، ومن المعروف أن الصحراء تمثل نسبة كبيرة من هذه المساحة، كما أن مناخها جاف مرتفع الحرارة قليل الأمطار، ونظرا لذلك تمر الصحراء بعدة ظواهر لعل من أبرزها هو ما يعرف بالانجراف الريحي وهو موضوع حوارنا لهذا الاسبوع مع الدكتور: عبد العزيز بن غازي الغامدي -أستاذ فيزياء التربة المشارك ورئيس قسم علوم التربة في كلية علوم الأغذية والزراعة-

* دكتور ماهي ظاهرة الانجراف الريحي؟

يمثل الانجراف الريحي للتربة ظاهرة بيئية خطيرة جداً خصوصاً في المناطق الجافة وشبة الجافة من العالم، فالمملكة العربية السعودية تُصنف على أنها تقع في المناطق الجافة Arid Region فقلة تساقط المطر، وارتفاع درجات الحرارة، وسرعة الرياح، وقلة الغطاء النباتي تزيد من خطورة حدوث الانجراف الريحي.

فالانجراف الريحي يزيد من احتمالية فقد المادة العضوية والجزء الخصب والناعم من التربة، والذي يحتوي

على العناصر الأساسية والضرورية لنمو النباتات، مما يسبب تدهور وتصحر للأراضي الزراعية وبالتالي تقل انتاجيتها الزراعية وما يلازم ذلك من تلوث بالجو الخارجي بذرات الغبار.

* كيف يمكننا تعريف الانجراف الريحي؟

يمكن تعريف الانجراف الريحي بشكل مبسط على أنه: عملية نقل جزيئات التربة الجافة والمفككة من الطبقة السطحية للتربة من منطقة إلى أخرى وذلك بفعل الرياح.

* كيف تحدث ظاهرة الانجراف الريحي؟

تحدث ظاهرة الانجراف الريحي نتيجة هبوب رياح لها القدرة على حمل ونقل حبيبات التربة إلى مسافات مختلفة، معتمدة في ذلك على حجم أقطار حبيبات التربة، وكذلك على سرعة وشدة الرياح.

فيعتمد حدوث الانجراف الريحي على ثلاث ميكانيكيات رئيسة وهي: الزحف السطحي (Surface Creeping)، والقفز (Saltation) والتعليق (Suspension)، حيث تعتمد هذه الميكانيكيات على أحجام أقطار حبيبات التربة المتحركة بالرياح، فالزحف السطحي يحدث مع الأحجام الأكبر من 0.5 مم، والقفز يحدث مع أقطار الحبيبات التي تتراوح بين 0.07 الى 0.5 مم والتعليق يحدث للحبيبات ذات الأقطار التي تكون بين 0.02 الى 0.07 مم.

* ماهي الظروف التي تساعد في حدوث الانجراف الريحي؟

أ - وجود تربة جافة ومفتتة.

ب - سطح التربة الناعم مع عدم وجود غطاء نباتي أو أنه قليل.

ج - كبر الحقل.

د- وجود رياح ذات سرعة عالية وكافية لإحداث حركة.

*ماهي أبرز العوامل التي تؤثر على الانجراف الريحي؟

تعتبر الخصائص المناخية كميات الأمطار، شدة واتجاه الرياح، درجات الحرارة، وخصائص التربة (المحتوى الرطوبي، القوام، البناء، نسبة كربونات الكالسيوم)، والعوامل البشرية التي تتمثل بدور الإنسان نفسه عن طريق إيجاد خلل في التوازن الطبيعي بين الغطاء النباتي والتربة أو عن طريق الرعي الجائر، وتدمير المراعي والغابات، كلها تعتبر من أهم العوامل التي تؤثر على شدة وقوة حدوث الانجراف الريحي للتربة.

*ماهي طرق التحكم بالانجراف الريحي؟

هناك عدة طرق مختلفة للحد من ظاهرة الانجراف الريحي مثل: عمل مصدات للرياح، وتثبيت الكثبان الرملية وزراعة المناطق المكشوفة وغيرها، وقد كان أبرز طرق التحكم ما جاءت في مبادرتي سمو ولي العهد السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر التي تهدف بمجملها للمحافظة على البيئة والتقليل من أضراره على الانسان والبيئة.

*ماهي أبرز اضرار الانجراف الريحي؟

- تدهور الترب الزراعية ويكون ذلك بفقد الطبقة السطحية الخصبة والناعمة من التربة، وبالتالي تقل انتاجيتها،

- العواصف الترابية تؤدي إلى الإضرار بالإنسان والبيئة، فقد يعاني سكان بعض المناطق المتعرضة للعواصف الغبارية إلى وجود مشاكل في التنفس وغيرها من المشاكل الصحية الاخرى، وبالتالي يكون هناك تلوث للجو الخارجي.

- تعمل العواصف الترابية على دفن الطرقات العامة وسكك الحديد.

- للعواصف الترابية أضرار مباشرة بالنبات الزراعية أو البرية، خاصة في مرحلة البادرات مما يؤدي إلى قلة الإنبات وقلة المحصول (الإنتاج).

- تغيير في قوام التربة الناتج عن فقد أو إزالة حبيبات التربة الدقيقة مثل: السلت، والطين، والمواد العضوية، وحملها إلى مسافات بعيدة تاركة خلفها حبيبات التربة الكبيرة (الرمل الخشن).

*هل بالإمكان التنبؤ بحدوث الانجراف الريحي والغبار؟

نعم، وذلك من خلال النماذج والمعادلات الرياضية يمكن التنبؤ بحدوث ظاهرة الانجراف الريحي، حيث إن هناك العديد من البرامج المساعدة في ذلك.

*هل هناك دراسات وأبحاث علمية في مجال الانجراف الريحي وفاقد التربة؟

بالرغم من تكرار حدوث ظاهرة الانجراف الريحي للتربة بالمملكة العربية السعودية إلا أن الدراسات والأبحاث خصوصاً في مجال تقييم كمية وخصائص فاقد التربة بالرياح تعتبر قليلة جداً ولا تصل الى التطلعات، حيث إن استمرار حدوث هذه الظاهرة يدعو إلى ضرورة الاهتمام بعمل دراسات ميدانية للوصول إلى أنسب الطرق والأساليب للحد من هذه الظاهرة، حيث قام فريق بحثي بقيادة أ.د علي بن محمد التركي - قسم علوم التربة بجامعة الملك سعود- بعمل بعض الدراسات على خصائص وكميات فاقد التربة بالرياح على عدة مواقع بمنطقة الرياض، ونتجت الدراسة على أن المناطق المسيّجة والمشجرة تقلل من كميات فاقد التربة مقارنة بالمناطق المكشوفة وغير المشجرة، كما أشارت النتائج إلى زيادة محتوى التربة المنجرفة من المادة العضوية والعناصر الغذائية، مما يؤثر على خصوبة التربة وانتاجيتها، وأوضحت النتائج أيضاّ إلى وجود بعض التركيزات المرتفعة من العناصر الثقيلة والضارة بالإنسان والبيئة مثل الرصاص والنيكل والكادميوم، كما أدعو المختصين إلى بذل المزيد من الجهود في عمل دراسات علمية متخصصة في مجالات الانجراف الريحي المختلفة.

*هل بالإمكان إلقاء الضوء على الدور الحكومي في ظاهرة الانجراف الريحي؟

تأتي الاستدامة البيئية من ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030م حيث تهتم بالمحافظة على البيئة، وقد ركزت الاستراتيجية الوطنية للبيئة على مكافحة التصحر وتنمية الغطاء النباتي وجعلها من أهدافها، وبالنظر للوضع الحالي بالمملكة، حيث تشكل المراعي في المملكة حوالي 73% من المساحة الكلية للمملكة، وحوالي 70% منها تعتبر متأثرة بالتصحر ومتدهورة، أيضاّ تشكل 1.7% من مساحة المملكة صالحة للزراعة، وحوالي 67% منها تعاني من الانجراف الريحي للتربة، لذلك فإنه من المهم فهم ظاهرة الانجراف الريحي للحد منها والتقليل من أضرارها، وجاءت مبادرتي سمو ولي العهد «السعودية الخضراء» «والشرق الأوسط الأخضر» لمواجهة التحديات البيئية التي تواجه المنطقة حيث تهدف هذه المبادرات الى تنمية الغطاء النباتي، ومكافحة التصحر.

*كلمة أخيرة تود أضافتها؟

النظر إلى الحراك والاهتمام الحكومي بالمملكة بالجانب البيئي والزراعي يدعونا جميعا لتكثيف الجهود للمحافظة على البيئة والإحساس بالمسؤولية الاجتماعية نحو المشاركة فيه.

أشكركم على حسن الاستضافة، وآمل أن يكون هناك مركز بحثي بالجامعة متخصص بالدراسات والأبحاث ذات العلاقة بالانجراف الريحي والغبار.