يلمّح مستقبل اللغة العربية لكثير من الإيجابيات في ظل تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطوير تقنيات اللغة العربية، وهذا التطور والتطوير سيُعالجان الكثير من تحديات المعرفة غير المنظمة. يُشار غالبا إلى أن الإيجابيات ستكون أكثر بكثير من السلبيات أو المخاطر التي سيُمكن تجاوزها بمرونة، وبأساليب ستتناسب مع الإنسان المندمج مع الآلة. وهذا الملمح الإيجابي ستصنعه المنشآت التي تمتلك ثقافة المرونة، وثقافة معالجة التحديات، وثقافة الدخول في غير المؤكد والخروج منه بمؤكد، وثقافة الإصرار والتحمل، وثقافة المجازفة وإدارة مخاطرها، وهي ثقافات تساعد على تحقيق ابتكارات تقنية تحولية للمجتمعات. من إيجابيات هذه التقنيات في سياق تعزيز انتشار اللغة العربية النموذجية والاتصالية والإعلامية والثقافية واللهجية، وفيما يتعلق باكتسابها وتعليمها وتعلمها وتداولها، استيعابُها في المستقبل ثقافة اللغة العربية ومحتوياتها، وتدوير هذه المحتويات تدويرًا رشيقًا وآنيا بين لغات العالم، وهو استيعاب تقني سيغدو مألوفًا في السنوات القادمة، وستألفه المجتمعات بأدواته وتطبيقاته، وسيكون الإنسان نفسه المنتِج بما سيُوجّهه تفاعليًا بهذه التقنية، وبحسب مداركه، وسيكون لهذا الاستيعاب دور محوري في توسيع الإدراك النصي، وإحكام النص النموذجي، وأنسنة النص الثقافي، وتدقيق النص الإعلامي، وتنميط النص اللهجي. هي تقنيات حاضر الإنسان ومستقبله، وهي الوسيلة الأساسية لجودة الحياة، وتنظيم المعرفة، وترقية المهارات، وتعزيز الثقافات، وتنعيم المواقف، ورفع نسبة المحتوى، والسبيل إلى تذويب المقاصد الخفية، وطمر مكامن التواصل الغامضة، وتسريع التحول التداولي من سوء الفهم وإعيائه إلى جلاء الفهم وبروزه. هي تقنيات مهمة لمستقبل اللغة العربية، وتتطلب تطويرات وابتكارات محلية، تضمن الملاءمة لخصوصيات اللغة العربية وسياقات استخدامها، وتستدعي استثمارات ومنافسات عالية لتطويرها والابتكار فيها، وتستلزم تشجيعًا واسع النطاق للكفاءات المحلية. متفائل بأنّ هذا التطور سيفتح آفاقًا واسعة أمام اللغة العربية في مراحل التحول الرقمي مستقبلًا، وسيعزز من مكانتها، وسينعكس إيجابًا على الثقافة العربية عندما يتم تبني هذه التقنيات الذكية بطريقة واعية ومسؤولة ومحوكمة، كما أنّ هذا التطور كفيل بإشباع احتياجات المجتمعات العربية لتسهيل تركيب المعلومات التفصيلية المعقدة واستبصار كلياتها، وستكون مهمة الإنسان مرتكزة في المقام الأول على مهارات التفكير العليا من قبيل التحليل والاستنتاج والربط وإيجاد الحلول وكشف الانحياز والتصدي للخلل.
الدكتور سلطان المجيول
أستاذ اللغويات الحاسوبية بقسم اللغة العربية – كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية
إضافة تعليق جديد