الدّور المحوريّ للغة العربيّة

 

كلنا يعلم أهمية اللغة العربيّة بوصفها هوية حضارية لكل منتسب إليها، ولا ينكر مسلم أهميتها بوصفها لغة القرآن الكريم، وليس هذا مدار مداخلتي ولا هو بمحتاج إلى تأكيد مني أو إعادة أو تدليل، إنّما حديثي في هذا المقال عن الدور المحوري للغة العربيّة في حياتنا العمليّة وتعاملاتنا الشخصيّة وتواصلنا بمختلف أشكاله، فمهما أتقنا منا من لغات، ومهما تمكّنا من معارف أو أجدنا من مهارات تبقى اللغة العربيّة، بوصفها أداة التواصل، الوسيلةَ التي لا يستغني عنها أحدٌ منا، مهما كانت صفته ومكانته.

تحضر اللغة العربية في حياة السياسي أداةً أساسيّة للتفاوض والإقناع لما يحمله من أهداف، وما يودّ إيصاله من رسائل، وتمكنه منها، وإدراك مكامن قوتها في هذا المجال، بلا شك، سيكون أداةً فعّالة له في الحجاج، ووسيلةً صلبةً لوصوله إلى أهدافه السياسيّة، وتميّزاً له في الحضور، فلا نجد مؤثراً حقيقياً في الحقل السياسي دون امتلاكه هذه الموهبة أو المهارة، والشواهد على ذلك من المؤثرين عبر التاريخ كثيرة شاهدة.

كما نجد دورها في مجال الإشهار محورياً لا غنى عنه، سواء كان على مستوى إشهار منتج تجاري، أو إشهار ثقافي، أو حتى إشهار فكرةٍ أو قيمةٍ يعتقدها، فالمسوّق لمنتجاته أو أفكاره، مهما أتقن من مهارات التسويق وحيل الوصول، تظل اللغة الوسيلةَ الأهم التي يشهر بها هذا المنتج أو ذاك، واللغة العربيّة، بوفرة ألفاظها ومرادفاتها، وعمق معانيها وأساليبها، هي اللغة الأقدر للقيام بهذا الدور بامتياز كبير.

    والإعلامي الماهر، عبر قنواته المتنوّعة ووسائله المتعدّدة لم ولن يستغني عن اللغة في عرض رسالته الإعلاميّة، بل إنّ التميّز الحقيقي في هذا المجال إنّما هو تميّز في الاستخدام الذكي للغة العربيّة، وسيلة بَيَانٍ وإقناع، فلا غنى للمحاور الحقيقي في مجال الإعلام من المعرفة بأسرار اللغة في طرح قضيته والدفاع عنها، ومعرفة المداخل والمخارج  في حواره مع من يحاور ويحاجج.

والدور نفسه نجده لدى المسؤول والقيادي في مختلف مراتبه، فلا بد له من تواصل في عمله، سواء بوسيلة كتابيّة كالخطاب أو التقرير أو بوسيلة كلاميّة في اجتماع أو لقاء، والأمر نفسه سنجده لدى العالم والباحث والمثقف، ناهيك عن تعاملاتنا الشخصية ويومياتنا التي لا تنتهي مادامت الحياة، حيث تحضر اللغة أداة أساسيّة في كل تواصل ما دمنا نتعامل مع البشر، ولا مناص من احتياجنا للغة العربية وسيلةً للتواصل؛ لأنّها لغة التكوين والهوية، فالعربيّ حتى في تواصله بلغة أخرى إنّما يفكر، في الغالب، بهويته اللغوية العربيّة الأمّ، بل إنّ اتقانه للغة أخرى مشروط بتمكنه من لغته العربيّة.

تلك أمثلة، في مستواها البسيط، على الدّور المحوريّ للغة العربيّة، الذي إن أدركناه في حياتنا العامة والخاصة، تيقّنا أهمية التركيز عليها، وتنمية مهارتنا بها، وسبر أغوارها لنأخذ منها ما يعود بالنفع البيّن على حياتنا، وما ينعكس حقيقة في شخصيتنا،  وما يقودنا للوصول  إلى أهدافنا واحتياجاتنا، أما اللغة العربيّة، في ذاتها، فهي دائمة ما دام القرآن الكريم، وليست بحاجة منا إلى دفاع أو إثبات أو حتى خوف على مصيرها.

يحيى القبيسي

قسم اللغة العربيّة وآدابها

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA