بشائر الوسم ترسم فصل ربيعي مميز بألوان الزهور ...
تقرير: إبراهيم الشوامين
يستبشر محبو الطبيعية بكمية الأمطار الكثيفة في موسم «الوسم»، الذي يمتد قرابة اثنتين وخمسين ليلة، تسبق التيارات الباردة في الفصل الشتوي، مصحوبة بتشوق منتظر لبشائر الوسم، من تشكل السحب وهطول الأمطار، متبادلين لإخبارها بينهم؛ لما لها من منافع عظيمة في سقي الأراضي الجوفية والسطحية وجريان الأودية.
ويوثق بعض المهتمين ـــ بواسطة هواتفهم الذكية ــــ هطول الأمطار، وجريان الأودية التي عانت الجفاف في حقبة الصيف الحار، مشاركين توثيقهم مع الآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي، آخذين في اعتبارهم علاقة المطر بالإنسان الموسومة بالتفاؤل والأمل، ورائحة المطر الباعثة بالشعور الإيجابي في أغوار النفس البشرية.
إن مدّة الوسم ذات اعتبار مؤثر في أنشطة الزراعة والرعي، وفرصة ــ في الوقت ذاته ــ لنشاط السياحة، والاستمتاع بالأجواء المعتدلة، وزيارة المواقع الطبيعية والتاريخية والتراثية المفتوحة، وممارسة الأنشطة الرياضية في الهواء الطلق.
وهناك تفاوت في المدّة الزمنية لمرحلة إزهار نباتات الربيع، وفقاً للمناطق الجغرافية في المملكة العربية السعودية، خاصة منها مناطق المرتفعات الجبلية والسواحل البحرية، ويؤثر العاملان، درجة الحرارة ونسبة هطول الأمطار، على المدّة الزمنية للنباتات والزهور الربيعية الشائعة، الخزامى والأقحوان والنفل والديدحان والصفار.
وحين يوشك أيام الشتاء الباردة على الانتهاء؛ يمتاز الجو باعتداله، في فترة منتصف شهر فبراير إلى منتصف شهر أبريل، حيث تنمو النباتات، كربلة والسمح والقراص والبسباس، وتعشب الأراضي شبه الصحراوية، وتتفتح أزهار الربيع، وتنمو أوراق الأشجار التي تساقطت أوراقها في فصلي الخريف والشتاء، وتنمو النباتات الربيعية والأشجار المحلية وتزداد جمالاً، كأشجار الطلح والسدر، ويسدل الستار عن ليالي الربيع، في أحد فصول السنة المبهجة والسعيدة للنفس، الذي يتميز بالطقس الرائع المشجع للكثير على الخروج في الأماكن المفتوحة خارج نطاق المدينة، والاستمتاع بنسمات الهواء العليلة، والتمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة.
ويقصد محبو الطبيعة المواقع التي تكثر بها النباتات الربيعية، الروضات والأودية والمنتزهات والمحميات الطبيعية، ويستمتعون بالتجول داخل أرجائها ومشاهدة المناظر الطبيعية، وسماع أصوات الطيور المحلية ـــ كالقبرة ـــ ذات المتعة الطبيعية التي لا تقدر بثمن. كما تنتشر أنواع من الفراشات والنحل التي تجذبها الزهور العسلية.
ويبدأ فصل الربيع ـــ تقريباً ــــ في منتصف شهر مارس، وينتهي في شهر يونيو، وتستمر ليالي الربيع اثنين وتسعون يوماً، حيث يلاحظ في نهايته ارتفاع الحرارة وقدوم الانقلاب الصيفي.
وهناك تنامي لدى العديد من عشاق الطبيعية في رصد النباتات الحولية والمعمرة، من خلال تصوير مختلف أنواعها، ومشاركتها عبر المواقع التواصل الاجتماعي، والتواصل مع الخبراء حولها وحول واستخداماتها، وهذه الهواية من الهوايات الممتعة والمفيدة، حيث يمكن للجميع الاستمتاع بالطبيعة وتعلم المزيد عن النباتات والزهور في بيئاتها المختلفة، من خلال تصنيف الزهور حسب الألوان والأشكال والأحجام المختلفة.
إن من أشهر زهور الربيع «الخزامى»، حيث يعتبر الرمز الرسمي للضيافة في المملكة العربية السعودية، ويستخدم اللون الأرجواني في سجاد المراسم؛ لاستقبال ضيوف الدولة الرسميين.
وينمو نبات الخزامى في فصل الربيع في مناطق متعددة من المملكة العربية السعودية، ويتميز أزهار أرجوانية وأوراقه خضراء صغيرة ذات رائحة عطريةٍ جميلة، ويبلغ ارتفاع الخزامى 45 سم، وتشتد الروائح العطرة في الساعة الذهبية قبل غروب الشمس بعد شروقها.
ومن النبات النباتات الحولية غير الشائعة «الكحيل «، حيث يصل ارتفاعها إلى 25 سم، ولها أوراق خضراء غامقة، وأزهارها ممزوجة باللون البنفسجي والأحمر، وحينما تذبل زهورها تتحول إلى اللون الأزرق الغامق، وتنو نباتات الكحيل أو الكحلا في الروضات والأودية.
ويعتبر نبات «الجرجير البري» أو «اليهق» من النباتات الحولية الشائعة، التي تسر النظر بعد موسم تساقط الأمطار خلال فصل الربيع، حيث تنتشر في الروضات والأودية الصخرية ليغطي مساحات واسعة باللون البنفسجي، ويحرص البعض على تناوله طازجاً، ومن النباتات أيضاً ذات اللون البنفسجي والأزرق «العهنة» وتتميز باللون البنفسجي والأزرق، وتزهر في الأودية الصخرية والروضات، يصل طولها 75 سم، وهي من النباتات الجاذبة النحل والفراشات.
وفي موسم الربيع، تكتسي الكثبان الرملية بوشاح البياض، حيث ينمو «الأقحوان» بالقرب من السهول والروضات بعد موسم الأمطار، ويتميز بأزهاره البيضاء وأوراقه الخضراء الصغيرة والمتباعدة، والأقحوان عدة أنواع بحسب شكله وارتفاعه، ولا يفرق بينها إلا خبراء النباتات البرية، وتستخدم زهور الأقحوان المجففة كمشروبٍ ساخن في ظروف طبية معينة، ويعرف بالاسم المشهور «البابُونج».
كما أن هناك العديد من الزهور ذات الألوان المائلة إلى الأصفر، مثل النفل الذي يتميز بالروائح العطرية، ونبات الحنوة الذي ينتشر في الروضات، وتتميز زهوره بالروائح العطرية، حيث تتفتح زهورها بعد شروق الشمس، وتقفل أزهرها أثناء الغروب، ويبلغ ارتفاعها 15سم.
ومن النباتات الصفراء الشائعة؛ نبات الجرجار، وهو من أسرع النباتات الربيعية نمواً بعد هطول الأمطار، وتفتح أزهاره بشكل مبكر، ويعتبر مرعى للإبل والغنم، وينتشر بشكل واسع في السهول الرملية وجوانب الطرق والأرصفة، وأيضاً في بعض الجزر البحرية في الخليج العربي، ويبلغ ارتفاع نبات العشبي «الجرجار» حوالي 40 سم، وهو من النباتات الشائعة وسهلة المعرفة؛ بسبب لونه الجميل، ويتوفر ممتدّاً في بعض المواقع، ويستخدم في الطب البديل.
وهناك العديد من النباتات الربيعية يوجد بينها بعض التشابه مثل نبات الحوذان والعضيد والفرق الواضح أن زهور الحوذان تتسم بالسواد منتصف الزهرة، وهو ما يفتقده نبات العضيد، ومن النباتات الحولية التي لها شكل جميل «نبات الصفار»، ويبلغ ارتفاعها إلى 35 سم ولها روائح جميلة، وتنمو بعد هطول الأمطار، ولها أزهار صفراء فاقعة اللون.
كما ينمو نبات النقد في الروضات، وبالقرب من الأودية الصخرية، ويتميز بالفروع الكثيفة والمتشابكة وزهوره الصفراء التي تزهر في موسم الربيع، ولها روائح عطرية، ويبلغ ارتفاعها قرابة 50 سم.
إن هواية رصد النباتات البرية من خلال تصوير النباتات المتنوعة، ومشاركتها عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، والتواصل مع الخبراء حول أنواعها واستخداماتها، من الهوايات التي تلقى رواجا ما بين محبي الطبيعة، وهي هواية من الهوايات الممتعة والمفيدة، حيث يمكن للجميع الاستمتاع بالطبيعة وتعلم المزيد عن النباتات والزهور، حيث تشتهر مناطق المملكة العربية السعودية بالتنوع البيئي، ويزداد جمال طبيعتها مع اكتمال نمو النباتات الحولية في موسم الربيع، ويمكن مشاهدة الغطاء النباتي على مد البصر، حيث تغطي الزهور والنباتات الأودية والجبال والصحاري والروضات، ويمكن تطوير هواية رصد النباتات البرية من خلال تحميل التطبيقات الحديثة المتخصصة بالتعرف على النباتات، أو قراءة الكتب التي تحتوي على رسومات النباتات ومعلومات عن أنواعها ومواقع نموها.
ومن الأزهار ذات اللون الأحمر، والتي تنمو زهور في المناطق الشمالية من المملكة العربية السعودية، وتزهر «الديدحان» باللون الأحمر في فصل الربيع، ولها أزهار طويلة تتناغم مع نسمات الهواء العليل، ويسافر الكثير من الزوار والمصورين من أجل توثيق زهور الديدحان في طبيعتها.
تسمى النباتات بالعادة حسب شكلها، أو لونها، أو ملمسها، أو طعمها، مثل نبات الحميض الذي يعرف حموضة طعمها، ويعد نبات الحميض من النباتات الشائعة في بعض مناطق المملكة، وسمي بهذا الاسم بسبب حموضة أوراقه، وينمو في فصل الربيع في الروضات والأودية والمنحدرات الجبلية والمناطق شبه الصحراوية، وأوراقه بيضاوية الشكل، ويسهل مشاهدته بعد سقوط الأمطار في فترة الوسم، ويبلغ ارتفاعه ما بين 8 إلى 40 سم. كما يتميز بألوان أوراقه الخضراء وأزهاره الحمراء، مصحوبةً بالعديد الفوائد الصحية.
إن فصل الربيع هو فرصة لاستكشاف الطبيعة المحلية ومكونتها الجاذبة، ابتداء من تساقط الأمطار في مدّة الوسم إلى نمو النباتات الحولية وتتفتح زهارها الجميلة في فصل الربيع، أن الاستمتاع بمشاهدة الزهور والنباتات الخضراء والمناظر الطبيعية، تجربة فريدة ونشاط أيحابي، حيث التعرف على البيئة المحلية أثناء التمتع بالجو المنعش والطبيعة الخلابة البعيد عن ضغوط العمل والحياة اليومية.
إضافة تعليق جديد