الاستدامة بقلم كيميائي

 د. عبد المجيد بن عبدالله العياف

 متخصص بالكيمياء

من مظاهر التقدم في المجتمعات الحضارية في وقتنا الحاضر الاستدامة. وهي تنبثق من الحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئية، والاقتصادية، والاجتماعية بطريقةٍ تلبي احتياجات الأجيال الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة. تُعد الاستدامة أساسًا للتنمية المستدامة، التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، والرفاهية الاجتماعية، والحفاظ على البيئة. الجدير بالذكر أنه من متطلبات الاستدامة النظر في هذه الجوانب. لذلك الاستدامة لا تمارس فقط في مصادر الطاقة بل في التطبيقات الأخرى كإعادة التدوير للمواد. فالاستدامة تنطبق أيضًا على الادوات البسيطة كالقلم نفسه.

القلم هو الناقل لما في العقول وكذلك موثّق لكثيرٍ من المعلومات القيمة. لذا القلم لا يقل قيمة عن الكثير من الأدوات التي ساعدت الانسان في التطور والرقي. فللقلم دور كبير في تطور الإنسان عبر التاريخ، حيث ساهم في نقل المعرفة، وتوثيق الأحداث، والتواصل بين الأجيال. كما أن له دور كبير أيضًا في التطور الفكري والفلسفي، والتنمية الإدارية والاقتصادية، والابتكار والاختراع.

أما من المنظور العلمي فالقلم هو أداة كتابية تستخدم في تحويل الأفكار إلى رموز وحروف على سطح ما مثل الورق. فالمادة الناقلة (الحبر) إما سائلة من مواد بلاستيكية أو صلبة من الجرافيت. وتختلف الأقلام بناءً على الغرض منها ولا يزال التطوير فيها إلى أن تم اكتشاف القلم غير الحبري.

(Inkless pen)يسمى القلم غير الحبري بالقلم اللانهائي () لاحتوائه برأس معدني يقوم بعملية الكتابة. فهو مكون من سبائك معدنية عند التماسها بسطح الورقة تتفاعل من خلال عملية الأكسدة لسطح المعدن الملامس وبذلك يظهر لون الكتابة. فهذا القلم يحقق مبدأ الاستدامة من ناحية أنه صديق للبيئة، خالي من التلطخ، والمتانة. في الواقع يلغي هذا الحل المبتكر الحاجة إلى إعادة التعبئة وكذلك يقلل من النفايات ولكن لم يصل القلم غير الحبري لرواج كبير بسبب التكلفة العالية نسبيًا، الإنسيابية في الكتابة، قلة وضوح الكتابة، التنظيف المستمر، وكذلك الحفظ في مكان بعيد عن الرطوبة لتفادي أكسدة سطح المعدن. فما زالت الأبحاث قائمة في هذا مجال للوصول إلى أعلى كفاءة ممكنة.

تمكين هذا النوع من الأقلام سيعود بالمنفعة على شتى المجالات. فبذلك سيحقق الاستدامة من خلال التخلص من الاحتياج إلى عبوات التعبئة وبذلك يمكن تقليل النفايات البلاستيكية والأثر البيئي المرتبط بتصنيع الأقلام التقليدية. ختامًا، القلم المعدني أو غير الحبري يعتبر مزيجًا فريدًا من المتانة وتعدد الاستخدامات وكذلك يعتبر صديقًا للبيئة، مما يجعله بديلًا مميزًا ومتجددًا لأدوات الكتابة التقليدية.