كتب: عبدالله قنيوي
ضمن أنشطتها الثقافية عقدت الندوة العلمية بقسم اللغة العربية بالتعاون مع وحدة السرديات بكلية الآداب مؤخراً ندوة بعنوان «السيرة الذاتية: إشكالات وتساؤلات»، في قاعة قسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب جامعة الملك سعود.
افتتح الندوة الدكتور صالح الغامدي مشيداً بالمشاركين في الندوة ومرحباً بالحضور الكريم، ثم تطرق إلى الحديث عن السيرة الذاتية بوصفها مصطلحاً مربكاً يندرج تحته عدة أجناس ملمحاً إلى مسألة التداخل بين السيرة والرواية أو القصة.
وأشار الغامدي إلى أن السيرة الذاتية ظهرت في أوروبا متأثرة بالفردانية، أو نظرية الإعلاء من شأن الفرد التي ظهرت في القرن التاسع عشر، وقد أثيرت تساؤلات عدة حول هذا الجنس الأدبي وحول واقعيته وهل ما يكتبه منشئ السيرة الذاتية من واقعه أم من نتاج خياله ولا صلة له بالواقع البتة.
وأشار الدكتور الغامدي إلى ظهور نقد متعدد للسيرة الذاتية في الغرب، منها النقدان الموضوعي والجمالي الذي حاول إيجاد أبعاد شعرية في هذا الجنس الأدبي متخذاً من الدراسات السردية وآلياتها مجالاً للتحليل. وكانت بعض النظريات الحديثة تبتعد بالسيرة الذاتية عن الأدبية وتعتبرها معطى اجتماعياً أو تاريخياً، ولكن هذا الاتجاه يغيب فيه عنصر الجمال الفني.
ثم تحدث الدكتور عبدالله الحيدري رئيس النادي الأدبي بالرياض والأستاذ المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الذي شكر قسم اللغة العربية وجهود الندوة العلمية، مشيراً إلى أن السيرة الذاتية لاقت رواجاً في الدراسات الجامعية في الجامعات السعودية والعربية، وتمثل ذلك في رسائل ماجستير ودكتوراه، وأبحاث علمية. ويمثل هذا المنجز البحثي في تطوره عناية بهذا الجنس الأدبي بحيث أصبح تياراً يسهم في إثراء الحياة الثقافية في العالم العربي في الجانب السردي ونقده.
وأشار الدكتور الحيدري إلى وجود نقاد ومؤسسات ثقافية تُعنى بالسيرة الذاتية في المملكة وتعرجاتها الفنيّة، فقد لقي هذا الجنس عناية من النوادي الأدبية، فخصص النادي الأدبي بجدة دورته عام 1427هـ عن السيرة الذاتية، ووضع النادي الأدبي مقترحاً لدورته الآتية في 1439هـ عن السيرة الذاتية في المملكة ونقدها. ولقيت كذلك السيرة الذاتية مكانها في الموسوعات الأدبية التي تهتم بالأدب وانطولوجيا الحياة الأدبية في المملكة.
وألمح الدكتور الحيدري إلى اتساع النشر في مجال الإبداع الأدبي في السيرة الذاتية، فقد لاحظ أن مقدار النشر من الإنتاج الأدبي للأعمال الإبداعية في هذا الجنس بين عامي 1397-1417هـ حوالي عشرين عملاً فقط، بينما ارتفع هذا العدد بين عامي 1417-1437هـ إلى سبعين عملاً، وتتضمن هذه الأعمال قرابة سبعة إبداعات نسائية، وهو ما يوحي بتغير المسار في الذائقة العامة لدى القراء في تقبل هذا النوع الأدبي.
تلا ذلك حديث للدكتورة أمل محمد التميمي الأستاذ المشارك في جامعة الملك سعود بالرياض، والناقدة التي تهتم بالسيرة الذاتية النسوية، ودراسات الجندر «النوع». وقد خصصت مداخلاتها للحديث عن هموم المرأة في السيرة الذاتية من خلال قراءتها لنماذج في الأدبين العربي والغربي. وقد تبنت منهج التحليل النفسي كونه يساعد على ضبط المصلحات وتحليل عوامل التذكر والاسترجاع الكلي والجزئي وعلاقتها بسيكولوجية الكاتب.
وقد جعلت الناقدة عناصر المقارنة شكلية وموضوعية: ابتداءً من العتبات النصية للمتن، ثم دراسة المضمون. وقد اختارت نماذجها وقسمتها إلى ثلاثة أقسام:
1- الكتابات العربية النسوية بلغة عربية.
2- الكتابات العربية النسوية بلغة أجنبية.
3- الكتابات الأجنبية النسوية بلغة أجنبية.
وتقول إن المرأة تلجأ إلى البوح بأسرارها، ومشاركة همومها مع الآخرين، ولكن المرأة العربية كانت حذرة في السيرة الذاتية. وقد تعرض تجربتها في صورة مشرقة كتسجيل النجاح الاجتماعي أو الوظيفي مثلاً، أوصورة كئيبة نتيجة مواقف صادمة تعرضت لها في حياتها. وقد تقف المرأة أمام نفسها «الأنثى ضد الأنثى» فتنتقد المجتمع النسوي مقابل نقدها للمجتمع الذكوري، وهو ما أطلقت عليه الدكتوره أمل «مقاومة الفناء في الكتابة».
وقد دعت الناقدة التميمي طلاب وطالبات الدارسات العليا إلى الاهتمام بهذا الجنس الأدبي، والإقبال على الإسهام في تحليله ودراسته، نظراً لتقاطعه مع اختصاصات أخرى في الحياة تاريخية واجتماعية وإعلامية. ثم فُتح باب المداخلات لأساتذة القسم والطلبة. حضر اللقاء رئيس قسم اللغة العربية الدكتور خالد الحافي وعدد من أساتذة قسم اللغة العربية وقسم الإعلام، وطلبة الدراسات العليا.
وفي ختام اللقاء تم تكريم المتحدثين بشهادات تقديرية وفاء وعرفاناً لمشاركتهم بحضور الدكتور صالح الزهراني رئيس الندوة العلمية والدكتور أبو المعاطي الرمادي مشرف وحدة السرديات.
إضافة تعليق جديد