تدرك المؤسسات العالمية أهمية الجودة، وتأثيرها الواضح في تميز كافة مخرجاتها، وتأكيداً على أهمية الجودة ودورها الفاعل في تحقيق تطور العالم والتغير السريع في كافة ميادين الحياة خصصت الأمم المتحدة يوماً عالمياً للجودة خلال شهر نوفمبر من كل عام، وفي هذا الشهر يشهد العالم احتفالات العديد من المؤسسات، وتقام عدد كبير من الفعاليات للتوعية بالجودة وأهميتها وضرورة الالتزام بها، وأثر ذلك على تميز كافة العمليات والمخرجات.
ومن فضل الله علينا أن دعانا الإسلام إلى الإتقان وهو ما يجعل الجودة راسخة في ثقافتنا العربية والإسلامية، فيقول تعالى في كتابه الكريم «صنع الله الذي أتقن كل شيء» سورة النمل، الآية 88، وكذلك قال تعالى «إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا» سورة الكهف، الآية 30، وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإتقان فقال «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» رواه مسلم، وهو ما يجعلنا أقرب من غيرنا إلى أهمية الالتزام بالجودة وتحري متطلباتها في كافة حياتنا.
فالجودة ليست مجرد استيفاء شروط ومتطلبات، أو حتى بلوغ رضا العملاء عن المنتجات والخدمات التي تقدمها المؤسسة، لأن هذا منظور ضيق للجودة، فالأمر أكبر بكثير من ذلك، فالجودة نمط حياة والتزام وركيزة لتميز الأفراد في حياتهم بصفة عامة، ومن ثم المؤسسات التي ينتسبون إليها، وهي خارطة طريق تضمن للملتزمين بها النجاح والتميز، وهذا ما يجب أن ندركه جميعاً.
لذا يجب أن تبدأ الجودة من حرص الفرد نفسه على الجودة الشخصية، وأن يعتبر ذلك ركيزة لنجاحه في كل شيء، فيتحرى الدقة في صلاته والتزامه بدينه وحرصه الشديد على إرضاء ربه، ومن ثم العمل وبذل الجهد وتحري الدقة والإتقان في كافة ميادين الحياة الشخصية ثم المهنية، وهو ما يفسر أهمية الجودة الشخصية وأهمية التزام كل منا بها، وهي مفتاح للنجاح بإذن الله.
وتحرص جامعة الملك سعود على دعم عمليات الجودة والالتزام بكافة متطلباتها، حيث تصدرت الجودة والتميز قيم الجامعة وفق خطتها الاستراتيجيةKSU2030، وكذلك تصدرت الأهداف الاستراتيجية للجامعة؛ حيث نص الهدف الاستراتيجي الأول للجامعة على الإجادة في جميع المجالات، والتميز في مجالات محددة.
وتولي وكالة الجامعة للتخطيط والتطوير الجودة اهتماماً كبيراً، وبحمد الله نرصد يوماً بعد يوم استيفاء معاييرها في وحدات الجامعة، وهو جهد مؤسسي كبير، يتطلب دوماً إدراك كل منا بأهمية دوره، وأهمية المساهمة في تحقيقه بما يدعم سعي الجامعة لبلوغ رؤيتها وتحقيق رسالتها، ودعم رؤية المملكة 2030 وتوجهاتها الاستراتيجية خاصة في مجال التعليم، فرفع تصنيف خمس جامعات سعودية على الأقل على التصنيفات العالمية لتكون بين أفضل مائتي جامعة في العالم أمرٌ يتطلب عملاً مستمراً والتزاماً كاملاً بالجودة على المستوى الشخصي والمؤسسي.
أ. د. يوسف بن عبده عسيري
وكيل الجامعة للتخطيط والتطوير
إضافة تعليق جديد