تعد القيم التربوية معياراً للحكم على كل ما يؤمن به مجتمع ويؤثر في سلوك أفراده لكل ما هو مرغوب أو غير مرغوب فيه، وتعد عملية تمكين وتنمية القيم التربوية في نفوس وأذهان وسلوكيات الطلاب مهمة صعبة وتحتاج إلى جهود مضاعفة، إذ لم تعد الأسرة وحدها المربية ولم تعد المدرسة الرديف الآخر للأسرة، بل أصبح الفضاء بأنواره المتوهجة وخيالاته الواسعة يكاد يغطي كل ما يحيط بالمرء.
تصنف القيم على أنها قيم أخلاقية إنسانية مثل الصدق والأمانة والنزاهة والمساواة والعدالة والتسامح والحرية والمحافظة على البيئة، وقيم اجتماعية مثل التعاون والمساعدة والتعاطف والاحترام وتحمل المسؤولية، وقيم معرفية أو عقلية مثل الفضول والعقلانية والدقة والموضوعية، وقيم وطنية مثل المواطنة الصالحة والتضحية في سبيل الوطن، وقيم شخصية مثل الصبر والثقة بالنفس والشجاعة، وأخيراً قيم جمالية مثل الميل إلى الفن والإبداع والتناسق.
وإذا كان نظام القيم التربوية في الإسلام يجمع شتات الإنسان ويركز طاقاته وإمكانياته حول مركز واحد هو الولاء لله عز وجل وابتغاء وجهه الكريم، فإن نظام القيم التربوية المادية يعصف بقوى الإنسان ويذهب بها طرائق قددًا، ويلحق بها تشوهات مريعة يتحول معها الإنسان إلى كائن مستلب، غريب عن نفسه وغريب عن الكون الذي يحيط به، فيصيبه الدوار والغثيان، ويشعر بالعبثية وانعدام معنى الحياة.
إن الشخصية الإنسانية في ظل القيم المادية، وقد فقدت صلتها بخالق الوجود، تنجرف مع تيار التطور والتغيير دون ضوابط ولا قيود، وذلك لأن أداة الاختيار والتمييز في هذه الشخصية من عقل وضمير وإرادة، فلت زمامها وفقدت السيطرة على نفسها، شأنها شأن الساعة التي أصابها خلل جعل عقاربها تتحرك بسرعة في كل اتجاه، فلم تعد صالحة لمعرفة الزمن، وهكذا فقدت هذه الشخصية القدرة على الاختيار السوي، فاندمجت تأخذ من هنا وهناك أي فكرة أو أي شيء دون قاعدة أو مبدأ.
أ. أمل أحمد المحيسن
إضافة تعليق جديد