كان انتشار تقنية المعلومات والاتصالات، أحد أهم التغيرات العميقة في العقد الماضي، رغم التفاوت في ذلك؛ إذ يلاحظ أن مواقع الشبكات الاجتماعية، وشركات الهاتف المحمول وغيرها تقوم بتنفيذ أساليب ذكية تهدف إلى جذب الشباب.
وهناك قلق متزايد من الآباء والمعلمين وغيرهم من العاملين في رعاية الأطفال واليافعين، بشأن قدرة الشباب على استخدام هذه الأدوات بأمان وفاعلية، بالإضافة إلى ذلك، فإن النمو الهائل لتقنية المعلومات والاتصالات يصاحبه تحديات تواجه خصوصية الشباب، وحريتهم في التعبير، ورفاهيتهم البدنية والنفسية- كما لا تزال هناك فجوات معرفية أساسية فيما يتعلق بتأثيراتها، وعلى الرغم من الاتفاق على أن المخاطر التي يتعرض لها الشباب موجودة فإن ذلك لم يتم دراسته أو معالجته في البلدان النامية بشكل دقيق.
لقد أثَّرت شبكة الإنترنت على الأطفال والشباب وجعلتهم منعزلين؛ لما تعرضه من برامج تجعل الطفل أو اليافع أو الشاب يبتعد عن والديه، ويقضي ساعات طويلة أمام هذه الشبكة، وظهر ما يعرف بـ«إدمان الإنترنت»، ومن مخاطر هذا الإدمان الانعزال، وترك الحياة الاجتماعية، وإجهاد عضلات العين، والقلق النفسي، وضعف التركيز، والصداع.
وأكثر الأفراد تعرضاً لخطر الإصابة بمرض إدمان الإنترنت حسب بعض الدراسات والأبحاث العلمية، هم الأفراد الذين يعانون من عزلة اجتماعية وفشل في إقامة علاقات إنسانية طبيعية مع الآخرين، والذين يعانون من مخاوف غامضة، أو قلة احترام الذات، والذين يخافون من أن يكونوا عرضة للاستهزاء، أو السخرية من قِبَل الآخرين.
هؤلاء هم أكثر الناس تعرضًا للإصابة بهذا المرض؛ إذ تؤكد الدراسات أن العالم الإلكتروني قدم لهم مجالاً واسعًا لتفريغ مخاوفهم وقلقهم، وإقامة علاقات غامضة مع الآخرين، تخلق لهم نوعًا من الأُلفة المزيفة، فيصبح هذا العالم الجديد الملاذ الآمن لهم- كما يعتقدون- حتى يتحول عالمهم هذا إلى كابوس يهدِّد حياتهم الاجتماعية والشخصية للخطر.
أخيراً، لا توجد طريقة واحدة أو محددة لعلاج إدمان الإنترنت، وتختلف وسائل العلاج حسب رؤية كل بلد للمشكلة واستفحالها، ومنها:
- الانخراط في معسكرات تدريب قاسية ذات صبغة عسكرية، كما في الصين، حيث يقوم جنود سابقون بمراقبة المدمنين من خلال عملية إعادة تأهيل قاسية يخضعون فيها لفحوصات نفسية وتدريبات بدنية مكثفة لفترات قد تصل لستة أشهر.
- قضاء أسبوع في الصحراء مع الأسرة، كما في الولايات المتحدة، بعيدًا عن كل أدوات التقنية.
- الذهاب إلى المستشفى، كما في كوريا الجنوبية، حيث تتدخل الحكومة بقوة وتقوم بتمويل نحو مائة مستشفى لعلاج هذا الإدمان الذي تتعدى نسبته 90٪ ويعتبر مشكلة قومية.
إن إدمان الإنترنت يدخل ضمن نطاق الإدمان بشكل عام، وهو اعتياد شخص على أمر معين واستخدامه لفترات طويلة دون القدرة على التخلص منه أو تركه، وينتج عن هذا الإدمان إهمال الحياة الشخصية والمهام اليومية.
د. علي بن أحمد السالم
المدينة الطبية الجامعية
إضافة تعليق جديد