أغلب ما يعاني منه مجتمعنا حالياً من اضطرابات نفسية ومشكلات سلوكية، قد يكون عائداً إلى الأسلوب التربوي الخاطئ المتبع مع الطفل أو المراهق، فنجد أحدهم يعاني من القلق وآخر من الرهاب الاجتماعي وثالث من الخجل والانطواء والتلعثم، وهكذا دواليك.
وللأسف، يختلط لدى بعض المربين وأولياء الأمور مفهوم «التربية» مع مفهوم «الرعاية» مع أن هناك فرقاً كبيراً بينهما؛ فالأول يهدف إلى تعديل السلوكيات وإضافة صفات حميدة وتنمية المهارات وتعزيزها، بعكس الرعاية التي تستهدف إشباع حاجات الفرد الأساسية والضرورية لاستمراره في هذه الحياة؛ كتوفر المشرب والمأكل وبيت يسكن فيه.
إن أسلوب «العصا لمن عصى» والإفراط في العقاب جريمة بحق الطفل، ناتجة عن الجهل بخصائص نموه في شتى مجالاتها، فمن الناحية الجسمية يعد النشاط والحركة إلى حد معين لدى الأطفال أمراً طبيعياً، وكثرة طرح الأسئلة من الناحية العقلية مؤشر على ذكاء الطفل، ومع ذلك نجد للأسف من الأمهات والآباء من يمنع الطفل من اللعب مع أصدقائه خوفاً من أن تتسخ ملابسه، وهذا المنع يؤثر سلباً على النمو الاجتماعي لدى الطفل ونمو المهارات، وهناك أم تحرم طفلها من أخذ قطعة حلوى في مناسبة اجتماعية لأنها تظن أن ذلك قد يسبب لها إحراجاً مع زميلاتها، وأب يوبخ طفله نتيجة كثرة طرحه لأسئلة محرجة.
ثم إن أسلوب «المسطرة» أو «المعيار» من الأساليب الخاطئة التي تعارض مبدأ الفروق الفردية في علم النفس، فلكل طفل مهارات وقدرات تختلف عن الأطفال الآخرين، ومن المؤلم حقاً أن يستخدم الأهل أسلوب المقارنات متجاهلين مبدأ الفروق الفردية، فنجد الأب الذي يطلق كلمات من رصاص موجهة لشخصية طفله من مثل «فلان أفضل منك» أو «ليش ما تصير مثل فلان وفلان» أو «أنت فاشل».
ألا يعلم مثل هذا الأب أننا لو كنا فعلاً نمتلك نفس القدرات والمهارات لأصبحنا جميعاً علماء أو جميعاً فاشلين، وأن الاختلاف نعمة ليساعد بعضنا البعض ويكمل بعضنا الآخر، فلو كنا جميعاً أطباء لما كان هناك حاجة للطب أو العلم.
إليك أيها المربي بعض الأساليب التي تقودك نحو تربية سليمة خالية من المعوقات:
كن مربياً مستمعاً وصديقاً لطفلك حتى إذا وقع في مشكلة لجأ إليك.
تجنب الحب المشروط مثلاً «أنا أحبك إذا نجحت» واستبدلها بـ«أنا أحبك لأنك ابني».
اسع إلى اكتشاف قدرات طفلك ومهاراته والأسلوب الأمثل له في التعلم او الاستذكار.
تجنب الازدواجية في التعامل مع المواقف ولا ترفع سقف توقعاتك ولا تعامل طفلك على أنه شخص بالغ وعاقل.
احترم ميوله واتجاهاته الأكاديمية واعمل على إشراكه في المواقف الاجتماعية وتوكيله مهام ليتحمل المسؤولية.
احترم شخصيته وحقه في التعبير وتجنب السخرية من فشله ومقارنته مع الآخرين.
عزز طفلك لفظياً أو اجتماعياً أمام زملائه والأقارب فهذا الأسلوب يرفع لديه ثقته بنفسه وقدراته.
في حال أظهر طفلك سلوكاً غير صحيح تعامل مع الموقف بهدوء دون عنف وصحح سلوكياته وتجنب عقابه.
لا تنس الاحتواء العاطفي وتذكر أن تربيتك لابنك لن تؤثر فقط على شخصيته ومستقبله بل على المجتمع بأكمله.
وأخيراً رفقاً أيها المربي، فطفلك نعمة وهبها الله لك فلتحافظ عليها وتحسن صونها.
أ. سارة السويدان
طالبة ماجستير علم النفس
كلية التربية
إضافة تعليق جديد