هوية المؤسسة أو المنظمة تعني صورتها وشخصيتها في الأسواق والبيئة التي تعمل فيها، والتي تهدف من خلالها إلى الريادة والتميز في مجالها عن غيرها من المنافسين، وتشكيل وترسيخ صورة ذهنية طيبة عنها.
وقد تعاظم الاهتمام بموضوع بناء الهوية والصورة الذهنية للمنظمات المعاصرة، نظراً لما تؤديه تلك الصورة من دور في تكوين الآراء واتخاذ القرارات وتشكيل الانطباعات والسلوك لدى جماهير المنظمة.
ويعد «الشعار» أحد أهم الآليات والمرتكزات التي تعتمد عليها السياسة التسويقية للجهة المعنية، بحيث يعطي الشعار ملمحًا مميزًا يكون بمثابة الوجه لهذه الجهة أو المنتج على وجه التحديد، ليتمكن المتلقي من تمييزه والتعرف عليه.
والشعار هو الصورة البصرية الإيضاحية الرمزية لشركة أو مؤسسة أو منتج محدد، ويمكن أن يكون عبارة عن رمز أو رسم تعبيري أو اسم أو حروف مختصرة، وقد يشتمل على رمز وحروف معاً، ويكون في الغالب ملوناً، وليس بالضرورة أن يعبر حرفياً عن اسم الجهة أو أهدافها.
ومن أهم مميزات الشعار الناجح والقوي مدى قوة وسرعة انطباعه في ذهن المتلقي، وسهولة حفظه وتذكره، والقدرة على تمييزه بسهولة وسط العديد من الصور البصرية الأخرى.
تصميم الشعار واعتماد شكله وألوانه وتطبيقه على البطاقات التعريفية للموظفين وأوراق المراسلات والأختام والأظرف والمركبات، يؤدي إلى تكوين وترسيخ الهوية البصرية للمؤسسة، وهي أحد أهم عوامل نجاح المنظمات والشركات والمؤسسات المختلفة، ومنها بالتأكيد جامعتنا الأم «جامعة الملك سعود» وتشمل على سبيل المثال لا الحصر جميع المطبوعات وأوراق المراسلات والمغلفات وبطاقات التعريف الخاصة بالموظفين، وكذلك المركبات التابعة للمؤسسة، والديكور والأثاث.
أما الهوية المؤسسية فهي أعمق وأوسع وأشمل مما سبق، فهي تتجاوز العناصر البصرية لتشمل أيضا مجموعة القيم والمنافع التي تقوم عليها وتقدمها المؤسسة، على سبيل المثال ما الذي يتبادر إلى ذهنك عندما يتم ذكر سيارة «فولفو»؟
نعم إنه الأمان، فقد عُرفت هذه السيارة بتلك القيمة وارتبطت بها، ليس لأن الناس قد اكتشفوا ذلك من خلال التجربة، ولكن لأن هذه الشركة اعتمدت في بناء وتسويق هويتها التجارية على هذه القيمة، بحيث ركزت على الاهتمام بهذا الجانب في تصنيع سياراتها وعند التسويق لها، واعتبرت أنه من العناصر الجاذبة المهمة لمن أراد اقتناء سيارة، وقد نجحت في ذلك.
مثال آخر، درج معظم الناس على تسمية الشاي الذي يباع على شكل أكياس ورقية صغيرة ومربوطة بخيط وورقة بـ«شاي ليبتون» حتى وإن كان مصدر الصناعة شركة أخرى غير شركة ليبتون، وهذا يدل على قوة رسوخ هوية وعلامة الشركة.
وبالتالي يمكن القول إن الهوية المؤسسية هي العلاقة العاطفية والقيم والالتزامات الأخلاقية التي تربط بين المؤسسة والمتعاملين معها، وتعنى بكيفية إحساس العملاء تجاه المؤسسة.
وعند التسويق لمنتج ما ذي هوية مؤسسية ناجحة فإنه يركز على القيم وليس على المادة، فأنت مثلاً عندما تشتري منتجاً ما لعلامة معروفة وناجحة تكون على استعداد لدفع أضعاف قيمة نفس المنتج لجهة أخرى، لماذا؟ لأنه رسخ في ذهنك عبر التسويق الناجح لهذه المؤسسة في تسويق منتجها على أنه قيمة وليس منتجًا مادياً فقط، فأنت تدفع هذا المبلغ الباهظ لأنك تشتري الجودة على سبيل المثال، أو تشتري الثقة أو المتانة، إلى غير ذلك من القيم التي هي عبارة عن فوائد بالنسبة لك.
وختاماً فإن من قواعد التسويق الناجح لأي منتج أو خدمة هو تسويق الفوائد والمنافع للمستهلك عوضاً عن تسويق ميزات المنتج.
د.عادل المكينزي
إضافة تعليق جديد