يمثل «الضبط الاجتماعي» أهمية كبيرة بالنسبة للفرد والمجتمع، وهو نظام قديم عرفته البشرية منذ القدم واتخذت لتحقيقه بعض الأساليب الهادفة لتنظيم العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع من أجل إشباع حاجاتهم وضمان استقرار المجتمع واستمراره.
ولا يزال مفهوم الضبط الاجتماعي يعاني كثيراً من الخلط والغموض، حسب دراسة أجرتها الباحثة بجامعة أم القرى طيبة بنت عمر العمودي، بعنوان «دور التربية الإسلامية في تحقيق الضبط الاجتماعي»، بسبب اختلاف العلماء أنفسهم في تحديد مفهومه وعدم اتفاقهم على تعريف واضح محدد له، وكذلك عدم اتفاقهم على ميدانه وحدوده بوصفه عملية تنطوي على كثير من المضامين والمفهومات التي تتدخل في تحديد أبعاده ووظائفه بالنظر إلى أسسه ومجالاته النظرية والعملية.
وأكدت الباحثة العمودي ورود إشارات إلى مسألة النظام والقواعد المنظمة للسلوك والسلطة في كثير من الكتب القديمة، حيث تعرض فلاسفة اليونان القدماء لمسألة الضبط الاجتماعي، ولكنهم استخدموا مصطلحات أخرى كالقانون أو الدين أو العرف أو الأخلاق، غير أن أول رائد لمفهوم الضبط الاجتماعي هو العلامة العربي «ابن خلدون» الذي أشار في مقدمته إلى الضبط الاجتماعي بصورة أكثر وضوحاً وتحديداً في قوله: «إن الاجتماع للبشر ضروري ولا بد لهم في الاجتماع من وازع حاكم يرجعون إليه، وحكمه فيهم إما أن يستند إلى شرع منزل من عند الله يوجب انقيادهم إليه، أو إلى سياسة عقلية توجب انقيادهم إليه لما يتوقعونه من ثواب ذلك الحاكم بعد معرفته بمصالحهم، فالأولى يحصل نفعها في الدنيا والآخرة، والثانية يحصل نفعها في الدنيا فقط». كما يرى أن «الإنسان بحاجة إلى سلطة ضابطة لسلوكه الاجتماعي، وأن عمران المدن بحاجة إلى تدخل ذوي الشأن والسلطان من أجل فاعلية النوازع وحماية المنشآت، ووسائل الضبط التي تحقق هذه الغاية تتمثل في: الدين، القانون، الآداب العامة، الأعراف، والعادات والتقاليد».
وللضبط الاجتماعي صور ووسائل يتحقق عن طريقها، و«التربية الإسلامية» هي أفضل تلك الأدوات، باعتبار أن الإسلام اهتم بالمجتمع وحرص أشد الحرص على حفظ كيانه واستقراره، فأصبح الإسلام بذلك نظاماً ضابطاً بكل ما يحويه من عبادات ومعاملات، وقيم ومبادئ، وأخلاق وآداب.
وأشارت الباحثة إلى أن حالة الترهل السلوكي والأخلاقي التي يعيشها المجتمع وما نراه في الشارع وما يتأوه له الناس يوميا، ناتج عن ضعف التربية الإسلامية لأفراد المجتمع وغياب «القانون الصارم» في المحيط الأسري والمجتمعي، مشددةً على ضرورة إعادة تنشئة الأبناء على قواعد وآداب النظام التربوي الإسلامي لكي يحقق الكفاءة الشخصية والفاعلية الاجتماعية التي تعين على تحقيق الضبط الاجتماعي، المتمثل في إصلاح وتهذيب النفس ووقاية الفرد من الانحراف.
رابط الدراسة: http://www.assakina.com/studies/83121.html#ixzz4TGsT0dKZ
إضافة تعليق جديد