لا يزال موضوع التوافق النفسي الاجتماعي في بيئة العمل، محورا للعديد مـن الدراسـات في مجـال الطـب الـنفسي وعلـم الاجتماع وعلم النفس، حيث يكتسب التوافق أهمية كبيرة في السير الطبيعي لحياة الأفراد والجماعـات في أي مجتمـع؛ ويقف عدم التوافق حجر عثرة أمام بلوغ الأهداف التي ينشدها المتجمع، كما أن الشخصية القادرة على التصرف في مواقف الحياة المختلفة تصبح قادرة وفاعلة للمجتمع الذي تعيش فيه.
يتمثـل التوافـق الـذاتي حسب رقية محمد حامد اليعقوبي، باحثة دكتوراه ومدرس مساعد بقسم علم النفس كلية الآداب جامعة بني وليد في ليبيا، بقدرة الفرد على حل صراعاته وتوتراته الداخلية باستمرار حلا ملائما، ويقصد بالتوافق الاجتماعـي قـدرة الفـرد عـلى إقامة علاقات مناسبة ومسايرة لأعضاء الجماعة التي ينتهي إليها، ويحظى في نفس الوقت بتقدير وتكريم واحـترام الجماعة لآرائه واتجاهاته.
والموظف شأنه شـأن أي في فـرد المجتمـع، تتوقف درجة أدائه لأدواره الوظيفية على درجة توافقه مع نفسه أولاً ومع الأفراد والشخصيات المحيطين به ثانياً، وذلك يستدعي حسب الدراسة التي أعدتها الباحثة اليعقوبي، تهيئة الظروف النفسية والاجتماعية وتوفير دورات تدريبية تهدف لتنمية اتجاهات الموظف الإيجابيـة نحـو مهنتـه، بحيث يكـون أكثر تفاعلا مع ذاته ومع الآخرين وأكثر حرصا على تحقيق أهداف المنشأة التي يعمل بها.
وأكدت الدراسة أن «التوافق النفسي والاجتماعي» و«الرضا الوظيفي» أهم عنصرين يجب أن يتمتع بهما الموظف؛ فالأول تتحقق معه سعادته مع نفسه وثقته بها وبالتالي تكيفه مع مجتمعه والاندماج فيه، أما الثاني وهو الرضا الوظيفي فيمثل حالة انسجام بين الفرد وبين ما يقوم به مـن تأديـة لأعـمال يرتبط من خلالها ارتباطا وثيقا بوظيفته ويكون فردا مميزا عن الآخرين، كما يجعلـه يتفاعـل مـع هـذه الوظيفيـة تفاعلا حيويا، ويسعى من خلالها إلى تنمية قدراته ويتطلع لتحقيق أكبر قدر من الاستقلال الوظيفي ويعمـل عـلى تحقيق طموحاته وأهدافه مما يشعره في النهاية بالراحـة النفسـية.
لـذلك فـإن هـذين الجـانبين «التوافـق النفسي والاجتماعي» و«الرضـا الوظيفي» للموظف أمران لابد من الاهتمام بهما لأهميتهما في تكوينه الإنساني ولتأثيرهما على الأداء وعلى التطور والرقي، فالموظف مسؤول عـن تأدية مهام اجتماعية مؤثرة، ومهـما اسـتحدث من طرق ووسائل تطويرية ومهما أضيف إليه من موضوعات جديدة، فإن هذا كله لا يمكن ترجمته إلى مواقف وعلاقـات وتفـاعلات وخصـائص سـلوكية إلا «التوافق» و«الرضا».
إضافة تعليق جديد