البحث العلمي الجيد هو ذلك الذي يوضح فيه الباحث نوع التصميم الذي استخدمه، ربما من خلال الإشارة إلى الأبحاث المماثلة التي سبق إجراؤها في مناطق مختلفة، أو صناعات مختلفة، أو تخصصات مختلفة, وكذلك هو الذي يختار فيه الباحث وحدة التحليل المناسبة التي يركز البحث عليها، ويصف المعايير التي تم بها اختيار تلك الوحدة.
ووحدة التحليل هي الكيان الذي يتم تحليله في البحث، فيمكن على سبيل المثال أن تكون شخصًا أو مبنى مكتملًا أو مشروعًا أو شركة أو صناعة أو بلدًا، فكل وحدة من شأنها أن تؤدي إلى دراسة مختلفة تمامًا عن الوحدات الأخرى.
وعند الاضطلاع بعمل بحث ما، فإن هناك العديد من المنهجيات التي يمكن استخدامها للعثور على إجابة السؤال الرئيسي للبحث، وبعض المنهجيات أكثر ملاءمة من بعضها الآخر، فقد تكون إحداها قوية وفعالة عند الإجابة على أنواع معينة من الأسئلة، وقد تكون هي نفسها ضعيفة في التعامل مع أنواع أخرى، لذا فيتم الحكم على منهجيات البحث من حيث ملاءمتها لطبيعة السؤال المطروح.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتم وضع سؤال البحث بحيث تكون الحالة محل البحث هي واحدة من ضمن عدد كبير من الحالات المشابهة التي قد تتضمن أحد أنواع المنهجيات، أو يتم وضعه بطريقة تتبنى حالة بعينها تتضمن منهجية غير معتادة، ولا يمكن اعتبار أن أيًا من الخيارين هو في حد ذاته أكثر أو أقل صلاحية من الآخر.
في هذا السياق، هناك قضايا ينبغي أخذها في الاعتبار، تتعلق بمدى ملاءمة مجتمع الدراسة لسؤال البحث المطروح، كما تتعلق بحجم عينة الدراسة وبمدى التعميم - المعقول - الذي يمكن أن تحققه نتائج الدراسة على أساس هذه العينة بذاتها.
وإذا كان تصميم البحث ينطوي على تحديد للمتغيرات، فينبغي أن يتم طرحها بشكل واضح ومفهوم، أي في صورة بسيطة تبين ما الذي يتم رصده أو قياسه، وكيف يتم ذلك، كما ينبغي مناقشة موثوقية وصحة القياسات.
ويجب أن يكون هناك بيانات أو دلائل في البحث تشير بصورة أو بأخرى إلى العمل الميداني الذي تم في إطاره، ونظرا لأن هناك حدودًا لطول الأوراق البحثية، سواء للمؤتمرات أو للمجلات العلمية، لذا يلزم عدم إدراج البيانات الميدانية كما هي.
وإحدى التقنيات المتبعة في ذلك هي أن يتم الاقتصار على وصف ماهية البيانات، مع تضمين بعض مقاطع من نصوص المقابلات مع أفراد عينة الدراسة، أو بعض الملاحظات التي دونها الباحث أثناء المقابلات، أو غير ذلك من الدلائل التي تشير إلى المنهجية المتبعة، بينما يحفظ السجل الكامل لبيانات المقابلات في مكان آخر، ربما في المكتبة أو على الإنترنت، بحيث يكون متاحًا لمن أراد أن يتعرف عليها بصورة أكبر.
وفي كل الأحوال ينبغي أن يكون هناك معلومات كافية داخل الورقة البحثية نفسها تتيح للقارئ تقييم مدى مناسبة البيانات للدراسة، وما إذا كان قد تم معالجتها بطريقة منهجية.
كذلك فإن صحة وسلامة نتائج البحث ستعتمد على ما إذا كان أسلوب التحليل مناسبًا وجرى توصيفه بشكل مناسب أم لا، وفي هذا السياق ينبغي أن يكون هناك إشارة إلى مراجع تتضمن استخدامًا لنفس أسلوب التحليل المتبع في البحث، فهذا يساعد القارئ على فهم ما هو متعارف عليه بالنسبة لهذا الأسلوب، ومعرفة كيف يتم عرض الأبحاث التي تتضمنه.
وعند تقييم مدى منهجية وتناسق عملية تحليل النتائج، فإن إحدى الأفكار الرئيسية لذلك هي تقييم مدى قدرة الباحث على إقناع القارئ بأنه إذا قام بنفسه باتباع هذه المنهجية فإنه سيصل إلى نفس النتائج.
أ. د. جبريل بن حسن العريشي
أستاذ علم المعلومات
إضافة تعليق جديد