الهوية المؤسسية ليست مجرد شعار

زاوية: آفاق أكاديمية

يعتقد الكثير من الأشخاص أن الهوية المؤسسية «branding» هي مجرد شعار «logo» وبطاقات تعريف «business card» والواقع أنها أكثر من ذلك بكثير، فالهوية المؤسسية أو العلامة التجارية «branding» هي روح المؤسسة وهويتها التي تتواصل بها مع موظفيها وعملائها، وتسري بعناصرها داخل المؤسسة وخارجها، في ألوانها، ديكورها، طريقة التعامل مع الموظفين، وطريقة التعاطي مع مشاكل العملاء وخدمتهم.

الهوية المؤسسية تبنى على أساس قوي وليس على مجموعة من الأدوات المكتبية وأوراق الطباعة ومجموعة من الصور، بل إن «branding» هو ما تحدده رؤية المؤسسة ورسالتها، والقيم التي تستند إليها، ومن ثم تأتي مرحلة بناء الهوية المؤسسية، وبناء قوة العلامة التجارية «brand name» عبر متخصصين محترفين أو شركات عالمية متخصصة في مجال الهوية المؤسسية لتقديم أفضل الاقتراحات أو التصورات الإبداعية التي ستحدد مسار وخارطة الطريق للمؤسسة للتعاطي مع متغيرات الزمن.

إن الهوية المؤسسية تجعل عملاءك يتذكرون مؤسستك بمجرد المرور بالقرب من المبنى، أو رؤية إعلان في الشارع دون الحاجة لرؤية شعار المؤسسة، وهنا يكمن النجاح، وهذه تسمى بناء الانتشار والوعي «awaerance» ومن ثم تبدأ مرحلة بناء العلامة التجارية على نطاق عالمي، حيث إن هناك تقييماً سنوياً لقوة العلامة التجارية للمؤسسات حول العالم، حسب فئة المؤسسة، وكمثال فقد حصلت قناة الجزيرة الفضائية عام 2004 على خامس أقوى علامة تجارية تأثيراً في العالم، متفوقة على شركات عالمية، وذلك لعناصر كثيرة، منها إرساء قواعد جديدة في مجال الإعلام، والتواجد خلال التغطيات الإعلامية، ووضع بصمة مختلفة وهوية خاصة بها في سرد الأخبار، متحصنة بشعارها الرأي والرأي الآخر.

الهوية بمفهوم أوسع لا تعني علامة أو رمزاً إعلانياً مجرداً، بل تعكس بشكل مباشر مجموع التصورات التي تشكلها حول منظمتك، فهي رؤيتك ورسالتك وقيمك إلى جميع الأطراف ذات العلاقة بالمنظمة سواءً كانوا مستفيدين أو متبرعين أو متطوعين أو منظمات حكومية أو غير ربحية، وهي تعكس كذلك وسائل تواصلك وردود أفعالك وحجم تأثيرك.

يقول مورغان كليندانيل، وهو كاتب متخصص في مجال الهوية التجارية المؤسسية:

The Brands That Survive»Will Be The Brands That Make Life Better» 

«الهوية المؤسسية التي تنجح في البقاء هي من تجعل الحياة أفضل». «بالأخص التجاري».

خبراء الإعلام والاتصال والعلاقات العامة يدعون لنقل الفكر الخاص بالمؤسسات فيما يخص الاهتمام بالهوية المؤسسية من مجرد شعار مرسوم إلى كيان وهوية تحدد من أنت، وما هي العناصر التي ستبنى عليها هويتك المؤسسية، وإن تم ذلك بنجاح سينعكس على نتائج المؤسسة إيجاباً.

ويشيرون إلى أبرز وأهم الخطوات لبناء هوية مؤسسية قوية «branding» ومنها: أولاً قم باختيار قيم تمثل مؤسستك يمكن أن تترجم لعناصر لبناء الهوية، ويجب أن تكون هذه القيم ذات معنى في المجتمع ومرتبطة بطبيعة رسالتك وما يحتاجه العملاء.

 ثانياً: لا تغير اتجاهك بعدما حددت هدفك وقيمك وهويتك، فإن ذلك قد ينعكس سلباً، لذلك تأكد عندما تحدد هوية المؤسسة، فاستمر في وضع الخطة لبناء الثقة مع العملاء والموظفين. 

ثالثاً: التطوير المستمر لعناصر الترويج وخطط التسويق والإعلان التي يجب أن تكون مبنية لقيمك وهويتك.

إن اهتمام المؤسسات والشركات ببناء هوية مؤسسية «branding» بشكل مدروس وقوي ينعكس دون شك على نتائج المؤسسة وقيمتها السوقية، وهنا يجب أن تحدد أهم العناصر لبناء الهوية: وهي القيم التي تقوم عليها المؤسسة، لأنها ستكون الأساس الذي سيحدد أهم مقومات خارطة الطريق، وتذكر دائمًا أن الـ«branding» هو منهاج حياة وحلقة متكاملة من القيم والعناصر البصرية التي ستحكم علاقة العميل أو الزبون أو المتعامل مع مؤسستك، إما بشكل إيجابي أو سلبي، فكن حذراً وصادقاً في بناء الهوية.

وهنا يقول جيف بيزوس «مؤسس أمازون كوم»:

 «A brand for a company is like a reputation for a person. You earn reputation by trying to do hard things well» 

- «الهوية المؤسسية للشركات والمؤسسات تشبه سمعة الإنسان، إنك تبني السمعة عندما تقوم بعمل الأشياء الصعبة بطريقة صحيحة».

د.عادل المكينزي

makinzyadel@ksu.edu.sa

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA