حلول إبداعية لهندسة المساجد

زاوية: عمرانيات

 

 

 

 

أكثر من ثلاثين ملحظًا وجدتها بعد التأمل في المساجد في وقتنا الراهن، وهي بحاجة إلى حلول إبداعية، لن أتناول الموضوع من منظور سلوكي أو وعظي أو تشريعي، إنما من منظور معماري هندسي يؤمن أن الحلول للمشكلات يجب أن تكون تكاملية.

أبرز ملحوظة نواجهها عند كل مدخل مسجد تقريبًا تناثر أحذية المصلين عند الأبواب، وكما ذكرت أولاً، فلن أتحدث عن هذه الظاهرة سلوكيًا، وإنما معماريًا، فلو أن المعماري وفر مدخلاً رحبًا للمسجد ليكون الدخول على مرحلتين، وأمن دواليب أحذية موازية لحركة المصلين، وأرضية مناسبة للسير عليها لحين الوصول لسجاد المسجد لكان هناك تقبل من المصلين للتوجيهات السلوكية بنسبة أكبر.

من الملحوظات في المساجد أيضًا دواليب المصاحف، فهي مركزة في قبلة المسجد أو عند الأعمدة، وفيها مصاحف بأعداد قد تفوق أعداد المصلين أحيانًا، لكن يصعب الوصول إليها أو إعادتها، وبالأخص يوم الجمعة لحظة صعود الخطيب، لست أملك حلاً جذريًا واحدًا، ولكني على ثقة أن هناك الكثير من الأفكار المعمارية والتصنيعية الكفيلة بحل أو تخفيف هذه المشكلة.

وعودة مرة أخرى على صلب التخصص الهندسي، ولموضوع التكييف، فالمساجد لها وضع خاص في تشغيلها يحتاج من مهندسي التكييف التفكير فيها بأسلوب ملائم يضمن تكييف المسجد بشكل كفؤ واقتصادي؛ وفي ذات الوقت يلائم المسجد في حالاته المختلفة، من امتلاء كامل كما في الجمعة، أو جزئي كما في الفروض الخمس، أو حتى في حال وجود شخص أو اثنين جلسا قليلاً بعد الصلاة.

وامتداداً للحديث عن عمل مهندس التكييف يأتي الحديث مرة أخرى مع المهندسين في مجال توفير الماء داخل المسجد، قليلة بل وقليلة جدا تلك المساجد التي وفرت مشارب للماء مع صرف الزائد منه داخل المسجد، أما الكثير الملاحظ فهو إهمال هذا الأمر برغم أهميته ليتحول إلى كراتين ماء توزع هنا وهناك، أو ثلاجات توضع في المقدمة أو المؤخرة تعترض الصفوف وتشوه الشكل العام، أو برادات ماء وبجوارها وعاء لاستيعاب زائد الماء. 

ولتطيب المسجد فضل دلت عليه الأحاديث، وكما رأينا من مساجد احترق جزء من سجادها بسبب تناثر جمر البخور، وجاءت المباخر الكهربائية لتحل المشكلة لكن مشكلته كثرة تعطلها، وتعذر نقلها لتوزيع البخور، أعجبني مسجد معمور في حي قرطبة في الرياض حيث جعل المبخرة في مكان مركزي في غرفة الإمام مرتبط بالتكييف بحيث يوزع رائحة الطيب بانتظام مع تكييف الهواء.

من الجدليات المعمارية الكبيرة، نوافذ المسجد، وبالأخص ما كان في جدار القبلة منها، هل المسجد ينبغي أن يكون شفافًا من كل الجهات، أو هو مكان خاص مغلق؟ هل النوافذ في جدار القبلة مشغلة للمصلين؛ أم أن المصلي مأمور أثناء الصلاة بوضع بصره مكان سجوده؟ وما عدا ذلك فليمتد بصره في الأفق ليستمتع بجلوسه في المكان.

وهنا يأتي الحديث بالتبع عن السجاد المزخرف، أيهما أكثر إشغالاً للمصلي، في تقديري أنه السجاد، وامتدادًا للحديث عن السجاد، فقد صليت في مساجد عدة في إندونيسيا وبنجلادش وكانت أرضها كما في الحرم من البلاط أو الأسمنت المسوى، فهل السجاد ضرورة حتمية للمساجد، وهل هو الخيار الصحي!

لم أستوف في هذا المقال الملاحظات الثلاثين، وإنما ناقشت أبرزها، ولعلي في مقالات أخرى قادمة أكمل الحديث عما تبقى بشكل إجمالي أو تفصيلي.

د. أحمد رشدي طومان

أستاذ مساعد قسم العمارة وعلوم البناء 

كلية العمارة والتخطيط

touman@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA