تقرير: قماش المنيصير
بحلول عام 2020 فاق عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا فما فوق وعلى مدى العقود الثلاثة المقبلة من المتوقع أن يتضاعف عدد كبار السن في جميع أنحاء العالم ليصل إلى أكثر من 1.5 مليار شخص في عام 2050 وما زال التعامل والتلطف مع كبار السن ذا خلل فهل يعود ذلك للفئة العمرية أم لثقافة المجتمعات ونسبة ارتفاع وانخفاض معيار الوعي.. وبسؤالي شريحة بسيطة من المجتمع كان لكل منهم زاوية تعنيه:
رحلت أمي وأنا أتيت متأخرا
• أبو محمد: أصيبت والدتي بفيروس كورونا هنا رأيتها المسنة الثمانينية التي تحتاج رعاية وعلمت أن دور البر قد أتى ولكن متأخر, زار جسدها كورونا ونحن خارج الرياض ولم يكن إلا ضيفا ثقيلا بدأ بالتمكن هادئا شككنا بالأعراض ليأتي خبر فحصها الإيجابي كالصاعقة ولكن أمل بداخلي يحمل صوت اليقين قال ستنجو بإذن الله اعتزلنا في منزل واحد بأماكن مختلفة كنت أجالسها ولا أسمح لغيري الإقتراب وكانت تدفعني طالبة مني الإبتعاد وأرفض بشدة قائلا أنا أيضا مصاب مع علمي باني لست حاملا للفايروس, أكملت رعايتها وكانت تتحسن يوم و ألمس انتكاس حالتها يوما, طلبت الإسعاف وكل مرة تكون علاماتها الحيوية مطمئنة لأشعر بسعادة لا توصف,, بدأت أرى وجها شاحبا وسعال مقلق على الفور طلبت الإسعاف وقاموا بنقلها الى المستشفى و بدأت مرحلة انتقالي معها إلى الوداع البطيء, تم عزلها وكل يوم كان لها قراءات منها المحبط ومنها ما أذاقني معنى الفرح , أصبحت ملازما لأسوار المستشفى لا أستطيع العودة إلى المنزل ,لا أتحرر من طوق الاختناق الذي يلتف حول عنقي لا أعلم لماذا كنت أشعر بأني ولدها العاق إذا عدت للمنزل, لحظات لا توصف وقلق مدمر واتصالات إخوتي من خارج المدينة زادت وضعي سوءا كنت أطمئنهم وأتعمد تغيير صوتي الباكي لكل اتصال ثم تجتاحني نوبة بكاء الأطفال, مرت الأيام سريعة لم يعد هناك قراءات مبشرة دخلت والدتي العناية المركزة ودق ناقوس الرعب لا أعلم كيف كانت عيني تغفوا ولا أذكر هل كنت في نوم أم يقضة أفتح عيني مفزوعا أجد دموعي منهمرة يا الله أين أمي وكيف بيني وبينها خطوات ولا أستطيع لمس يديها, اتصال مسائي يخبرني بضرورة عودتي إلى الرياض عملي يحتاج تواجدي, بنفس اليوم اتصال من المستشفى حمل لي خوفا لم أعتده فتحت المكالمة سريعا و كنت أشعر أن قلبي يتمزق ورئتي بدون هواء وبعد محاولة استعادة توازني قلت عسى خير فنقلوا لي خبر وفاتها, رحلت أمي وأتيت متأخرا
ندم بلا فائدة وشوق بلا أمل وحنين قاتل وتقصير بلا مبرر ونفس لوامة لم تتركني
واكتفت بدرية بنصيحة تمنت أن تؤخذ بعين الاعتبار
• أوصي في كل زمان ومكان مراعاة مشاعرهم وعدم إحراجهم أثناء السلام عليهم فيجب علينا أن نعرف بأنفسنا لهم فالكثير منهم ضعفت ذاكرته ولا يريد إيضاح ذلك.. بادروا بالسؤال عن صحتهم بدلا من العبارات المعتادة (ما عرفتني؟) (نسيتني الله المستعان) وكأنهم ارتكبوا بتقدم العمر جريمة
عفاف عبد الرحمن: نظام صحي لحياة سليمة
• أتمنى أن نهتم أكثر ونلقي الضوء على إنجازاتهم من خلال ذكر ما قدمه الأب والأم في مجال عملهم أو في صبرهم وكفاحهم فبذكر ذلك تطرب مسامعهم وترتفع معنوياتهم عاليا وتقدير كل جهودهم وفضائلهم.. ولابد من الحذر وتحذير الفئة الأقل عمرا بالتلطف معهم وعدم الانزلاق بالتصادم الفكري ومراعاة الفوارق التي حدثت بين الأجيال.. ولابد من الاهتمام بالأنظمة الصحية لهم وعدم تركهم بدون متابعة فأنا أرى صحتهم تحتل المركز الأول بالاهتمام ومن القيم الأخلاقية اتباع نظام صحي للمسنين حولنا ليتمتعوا بحياة سليمة ونلاحظ ذلك كثيرا بين المسنين يتضح بعضهم أنه أصغر من عمره بسنوات خلاف أقرانه والسبب التغذية السليمة
صلاة مستمرة وآذان
• منصور لا اذكر من المسنين إلا أمي أخاف تموت، أخاف أن أفتح عيني يوما ولا أجدها، كبر والدي ورأيته مسن عندما فقد وعيه وأصيب بجلطة دماغية أفقدته ذاكرته لم يتركه المرض طويلا فقد توفي بعد مرضه بسنتين كنت أراه طفل يتجول فالمنزل لا يعلم خطورة ما حوله من زجاج و أثاث أو أدوات حادة انتابني عليه حزن شديد فقد كان من أصحاب الهيبة والمكانة في مجتمعه وبعد فترة بسيطة اعتدت على تفاصيل ما هو عليه وتحول شعوري من ابن الى أب لوالده استمتع بإطعامه و اقف بجانبه لأداء الصلاة المستمرة كان يؤذن ويقيم كثيرا ولا أشعر بتعب القيام معه ولم يصلني تذمر خفي من ما هو عليه من حال استمتع بذهابنا إلى دورة المياه للاغتسال ولتحميمه وتنظيفه لا أسمح لأحد أن يبدل ملابسه لأني اعرف شخصيته جيدا لو كان في صحته ويعلم ما سيحدث له لأوصاني أن لايتكشفه غيري. اجلس معه وأتبادل الحديث و أردد له أسماء أصدقائه ومواقفه معهم وانا على علم انه لا يذكر منها شيئا ولكني
• أرغب بذلك, كبرت والدتي وأصبحت هرمة تردد كثيرا لماذا الموت لم يأخذني كل من هم في عمري غير موجودين لا اعرف كيف ابعد هذا التفكير عنها فهو إحساس مزعج لها قبل أن يزعجني تشعر بأنها ثقل وعبئ أتمنى أن يصلها حقيقة ما نشعر به لأنها بيننا, وسعادتنا ونحن نشم رائحة دهن العود عند تقبيل راسها أتمنى أن ترى جمال الحياة بوجودها أصبح تدليك قدميها منافسة بين أبنائها وأحفادها يتسابقون لإطعامها وتقبيل يديها,أنتي جنة الدنيا ولن يكون برحيلك حياة
حرج وانكسار
• وجدان تستنكر ما يحدث من الذين يكبرونها عمرا:
جدتي ليست كبيرة ولكنها بعمر يعلم أبسط ما وصلنا إليه من علم وتطور مما جعلها عرضة لسخافة مزح أبنائها بالضحك عليها في كل اجتماع ومناسبة.. يرونها فقرة فكاهية لهم. نرى ابتسامتها يعتريها الانكسار والحرج وعندما أقوم بتنبيههم يضحكون أكثر ويقولون (يوه حساسة ورقيقة) لا يراعون مشاعرها ومستوى فهمها بل يشاركونها الحديث لكي يضحكون فلا هو من البر ولا من الأدب ما يفعلون
تهميش وعدم اهتمام
ناصر يرى أن التوجيه و الوعي يحتاجه الأبناء قبل الأحفاد ويتبع كلامه بقوله : جدي من إحدى محافظات الرياض ومازال يسكن بها لديه مزرعة يجد راحته بين أشجارها ونقاء هوائها لا يهمه من هذه الحياة إلا صلاته وصلاح أبنائه وحقوق جاره ومتعته باجتماعه مع أصدقاءه فلا يعلم عن العالم وأحداثه شيئا وعند زياراتنا العائلية له يتم تهميشه وليس له من أعمامي وعماتي بعد سلامهم شئيا ,, ينغمرون بالنقاشات الثقافية ويتنافسون بإبراز عضلاتهم الفكرية أمام بعضهم ويتفاخرون بتعدد السفر وما تم اقتنائه حديثا حتى تكون لي هذه المزرعة كخرم الإبرة فماذا عنه هو وما يشعر به؟ ماذا عن أحواله وعن أصدقائه وجيرانه ومزرعته وأشجاره أليس له حق التفقد والسؤال؟ ألا يستحق أن نقوم معه في جولته التفقدية التي ذهب لها وترك مكانكم بدون أن تشعرون؟ لماذا هذه الزيارة يا أعمامي لماذا أتيتم هنا ولمن أتيتم؟ عدم مراعاة مشاعر المسنين والاهتمام بهم يزعجني أتمنى بنشر الوعي وثقافة التعامل معهم التعامل معهم صعب وغير مفهوم
• سامية الدوسري : أجد صعوبة كبيرة فالتعامل مع كبر سن والدتي فهي تسكن في مدينة بعيدة جدا عن الرياض وجميعنا متزوجون ونسكن الرياض منذ 15 سنة وكانت في ذلك الوقت اكثر نشاطا وأصغر عمرا والان بعد انتقالنا جميعا لم يتبقى معها سوى أخي وهو متزوج ويسكن معها بنفس المنزل ولكن لكل منهم دور مستقل وليس بينهم مدخل يسهل الوصول وهذه رغبتها قبل أن تكون رغبة زوجة أخي ألآن نحن نعاني من رفض والدتي الانتقال للرياض و تعبها المستمر يقلقنا جميعا فهي بحاجة الى رعاية واهتمام ونوبات السكر قد تأتيها وهي وحيدة وترفض جلب عاملة لها واخي غير مقصر ولكنها وصلت الى عمر يحتاج رعاية مستمرة ومتابعة للسكر والأدوية فلا اعلم كيف اقنعها بالانتقال أو قبول عاملة ترافقها .. أصبحت والدتي صعبة المزاج لا تقبل النقاش وترفض كل ما فيه مصلحتها تساؤلات كثيرة عن كيفية التعامل مع هذه الفترة العمرية أجهل كل ما يتعلق بذلك وأحتاج توجيه واستشارات متعددة لأتمكن من فهمها ولكن في كل مرة أفشل
كبير السن يحتاج استشارات نفسية
• مرام عبد العزيز: جدتي متوفية منذ زمن وجدي مسن ومصاب بالزهايمر تنتابه نوبات هلع وخوف ويرى أحداث من خياله ويعيشها بخوف لعدة ساعات من الصراخ المستمر حتى يرتفع معدل الضغط لديه نحاول تهدئته دون جدوى، يبكي بشدة ونومه متقطع يشعر بالوحدة ونحن حوله يعتقد أننا لسنا عائلته وأنهم رموه بدار العجزة ويأخذ بالدعاء بصوت مرتفع ويبكي.. تعبت وحزنت عليه كثيرا فهو منذ سنوات بدون راحة بحثت عن طبيب لمثل حالته فوجدت بتويتر تعليقات كثيرة تنصح بالدكتور السبيعي وبالفعل توجهنا له وقام بصرف دواء له ومن وحينها وهو أفضل بكثير وتغيرت حالته وذهب عنه كل ما يقلقه ويكدر نومه ويومه.. ندمت كثيرا على سنوات معاناته التي اكتفينا فيها بأنه مريض ولم نبحث عن مستوى تطورات حالته وعلاجها فالمسنين كالأطفال أمانة في أعناقنا لا نتساهل ونهمل أمرهم
سعد يؤكد على ضرورة التغذية السليمة
• أنا بعمر الستين ومازلت على رأس العمل ولكن لا أقارن بمن هم في عمري ولا يمكن لا أحد أن يستشف عمري الحقيقي حتى اليوم، فأنا ملتزم بالرياضة يوميا واتبع نظام صحي بنسبة 70% منذ سنوات، ومن خلال ما وصلت اليه الآن وما أنا عليه أنصح الجميع بالرياضة والاهتمام بالأكل قدر المستطاع
جهل وقل معرفة
يراني أبنائي جاهل وغير ملم بما يدور حولي لكبر سني وهذا غير صحيح فهل وصلت لهذا العمر خاليا من الخبرة مما يجعلكم لا تأخذون برأيي، هكذا وصف خالد رؤية أبنائه له؟ متعلم وتقاعدت من منصب كبير بالدولة وكنت قائدا لعدد لا يستهان به ومع ذلك يرون أن التطورات من حولي تجاوزتني ويكررون عبارتهم المشهورة ا(لناس تطورت يابوي وأنت) باقي على ذاك الزمن اشعر إنى تحفة أثريه قديمة وعديمة الفائدة بعد كل حوار يجمعنا مع العلم أن والدي كان بالنسبة لي موسوعة ارتشف منها بلا شبع حتى توفي وأنا اقتبس من خبرته.. يبدوا لي أن هذا الجيل يحتاج وعي وتثقيف
إضافة تعليق جديد