تطبيقات الرقمنة بدأت قبل 20 سنة

ندوة صناعة الألعاب الرقمية والتحولات الاستثمارية...

 

 

الألعاب أصبحت واقع حياة تعيشه كل المراحل العمرية بالمجتمع

 

رسالة الجامعة ـ هند القحطاني، عبد الإله الكعبي، تركي القحطاني:

قدم كرسي الإعلام الجديد في قسم الإعلام بكلية الآداب ندوة بعنوان «صناعة الألعاب الرقمية والتحولات الاستثمارية» وذلك مساء الثلاثاء 25 أكتوبر 2022م في مدرج كلية الآداب. أدار الندوة الأستاذ المشارك بقسم الإعلام د. مطلق المطيري، وبمشاركة كل من: أ.د.عصام العمار و أ.مشعل الوعيل.

 

الاستثمار في الألعاب الرقمية:

سلطت الندوة الضوء على الجوانب المرتبطة بالألعاب الرقمية كالجانب الإعلامي، والجانب السياسي، والجانب الاجتماعي، والجانب الاستثماري، حيث إن الألعاب الرقمية ليست حصراً على الأطفال فقط؛ بل تُعد جانب استثمار استراتيجي للدول والشركات، وتُستخدم في الدعايات ذات الروافد الفكرية والأيدلوجية، وذات الطابع السياسي. كما أنها أحد الأسلحة التي تستخدم في البيئة الدولية بشكل عام، وتستخدمها كثير من الدول سلاحًا إستراتيجيًا مفيدًا  تستطيع أن تبارز به  في جولات أخرى، وتتقدم به  بوصفه علامة تميز حضاري في الدول سواء أعلى المستوى العسكري أم المستوى الإنساني والاجتماعي.

 

تاريخ الرقمنة:

وفي حديث للعمار عن تاريخ بداية الرقمنة ذكر أنّ  تطبيقات الرقمنة بدأت قبل 20 سنة أو أكثر، إلا أن إرهاصات مفاهيم الرقمنة بدأت قبل هذا التاريخ بكثير، فمن بدايات القرن الحالي تطورت مفاهيم الرقمنة إلى تطبيقات في عدة مجالات، من ضمنها:  الإعلام الرقمي، والمهارات الرقمية، والإدارات الرقمية، والثقافة الرقمية، ومن ضمنها أيضا الألعاب الرقمية.

فيما بدأت الدجتلة بالعمليات العادية إلى عمليات الأتمتة والرقمنة، في أوائل مرحلة التحول الرقمي خطوة بخطوة، بدأت الخطوات الأولى في الخمسينات الميلادية من القرن الماضي، ثم في الستينات مع اختراع الحواسيب، ثم السبعينات والثمانينات مع بدايات الإنترنت، والتسعينيات مع الجيل الثاني من الاتصالات وفي عام الألفين ونهايات القرن الماضي،  وفي قضايا الميديا والتيليكوم والتقنيات الحديثة وبدايات الإعلام الرقمي مع الألفين وعشرة، ثم 2020 وإنترنت الأشياء وقضايا الإنترنت الحديث وظهور كل مشاهد الثورة الصناعية الرابعة.

 

التحول الرقمي والثقافة:

وبحسب كلام د.العمار فإن التحول الرقمي أكبر من مفاهيم إنترنت الأشياء ومفاهيم الذكاء الاصطناعي. ويعتمد التحول الرقمي على ثلاث زوايا أساسية: الأولى الإستراتيجية، والثانية التقنية، والثالثة الثقافة. وبإمكان الزاوية الثقافية اكتساح ما قبلها بالكلية، كما أن الإستراتيجية الرقمية تبنى على خمسة أسس: 1- العملاء 2- المنافسة 3- البيانات 4- الابتكار 5- القيم.

 

المنافسة في زمن كورونا:

وكأمثلة تطبيقية لموضوع المنافسة فإن بعض المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي أوجدت تغييرات وتحديثات خلال جائحة كورونا، فكانت تطبيقات التوصيل هي المتصدرة للمشهد الثقافي الرقمي حينها وما زالت.

وعلى سبيل التمثيل للمنافسة غير المتماثلة: فإن دخول Uber قلل من مبيعات السيارات. ففي قضايا الصناعات قد تكون المنافسة في تصنيع منتجات غير متماثلة، كما  في توجيه  شركة الاتصالات السعودية STC سوق الاتصالات إلى عالم الصناعات المصرفية الرقمية، ودخولها على صناعات تنافسية جديدة،  مما أكسبها نجاحات تنافس الشركات المنافسة في المجالين. والقيمة هنا (بقاؤك في نفس المجال التصنيعي للشركة لن يفيدك؛ بل سيكون عاملاً قوياً للخسائر المحتملة مستقبلاً)، كما تحدث عن قضية البيانات وظهور سدايا والاهتمام بالبيانات وتطويرها. وقضية القيم لا بد من تطويرها وتحديثها لتناسب الواقع الحالي وسوق العمل، وبالتالي فإن التحول الرقمي ليس إستراتيجية فقط، بل هو تنظيمات معينة للقيم والثقافة والإستراتيجيات والعمليات بما يناسب واقع المنظمة.

 

مستخدمو المنصات وقيمتها:

المنصات الرقمية تُبنى على أكثر من طرف مثل: فيسبوك، وتويتر، وسناب، وإنستقرام، فالطريقة الخطية التقليدية محدودة الجدوى حالياً، فكلما زاد عدد المستخدمين للمنصة زادت قيمتها. فلماذا الفيسبوك أغلى من تويتر؟

الإجابة على هذا السؤال تتعلق بعدد المستخدمين، والرقعة المكانية لاستخدامه، وتتعلق بموضوع الاقتصاد الرقمي والمنصات الرقمية.

 

التحول من الملموس للرقمي:

بدأت الألعاب في القرن الخامس عشر أو السادس عشر باستخدام الورق والأشياء الملموسة البسيطة، وفي عام 1950م بدأت ألعاب الفيديو قيمز، وفي عام 1976م وعام 1980م بدأت الألعاب الإلكترونية مثل: الأتاري، وباتمان، وصخر، وغيرها.  وتغيرت الألعاب الآن تماماً؛ فقد دخل التحول الرقمي والرقمنة إلى كل الصناعات، ومن ضمنها الألعاب الرقمية التي لا زالت تنمو وتزدهر.

 

ازدهار الرقمنة ومستقبلها:

أظهرت جائحة كورونا  أن صناعات الألعاب الرقمية كانت من الصناعات الرابحة، وبالمقابل كانت هناك صناعات خاسرة مثل الطيران والسياحة؛ بسبب الحجر المنزلي الكامل، فالجائحة جلبت روادًا كثرًا، وزادت أرباح الألعاب الرقمية، مما جعلها محط أنظار الكثير من الشركات ورواد الاستثمار، ففي عام 2012م كانت أرباح شركات الألعاب الرقمية 70 مليون دولار، وفي عام 2021م كانت الأرباح 180 مليون دولار شكلت القيمة السوقية وقيمة تداول أسهم تلك الشركات.

وفي عام 2030م ستكون هذه القيمة أكثر من 300 مليار دولار؛ بمعنى أنها شيء مغرٍ جداً لشركات الاستثمار التي تنوي الدخول في مجال الألعاب وتطور فيه، مثل: سوني، وأبل، وقوقل، ومايكروسوفت. فقوقل مثال جيد هنا؛ لأنها لم تتقوقع داخل صناعة محركات البحث فقط؛ بل طورت مجالاتها. ومايكروسوفت تطورت كذلك  من مشغلات الحواسيب إلى مجالات أخرى.

 

تأثير الألعاب الرقمية على بقية المجالات:

حتى إن صناعة الألعاب الرقمية أثرت على صناعات أفلام هوليود وصناعات السينما، مثل ظهور قيم أوفر السينمائية ، وأصبحت شركات الأفلام تؤخر إنتاج أفلامها إذا انشغلت المجتمعات بظهور ألعاب رقمية جديدة (Trend)، كما يقول أحد القائمين على أحد المتاحف المشهورة في نيويورك: أحد أكبر الأشياء التي تنافسنا في صناعة المتاحف نيتفليكس Netflix وكاندي كراش Candy Crush.

 

منافسة الألعاب الرقمية عالمياً:

الألعاب الرقمية منافس خطير لكل الصناعات العالمية، وانتبه لهذا الجانب سوق الاستثمارات العامة، واشترى حصصاً كبيرة من شركات ألعاب الفيديو التفاعلية. وكل ما يوجد أمامنا يقول إن التحول الرقمي دخل في كل الألعاب حتى لعبة البلوت.أصبحنا عبر التطبيقات نلعب سوية في أماكن مختلفة، وهذه التطبيقات الحديثة سوف تزيح التقليدية، وستحتل أماكن ومساحات كبيرة من حياتنا. ومن أوجه التطوير أن اللاعب  أصبح  له الحق والصلاحية في تطوير اللعبة مثل لعبة (ماين كرافت) التي جعلت اللاعب نفسه ينشئ البيئة التي يريدها، وقد يطورها لتكون مجالا استثماريا له شخصياً.

كما أن الألعاب القديمة كانت مبنية على الرسومات ثنائية الأبعاد؛ والآن تطورت إلى ثلاثية الأبعاد بحيث تكون أكثر واقعية وتثير حماس اللاعبين وتفاعلهم. وكما أن لها جوانب إيجابية فإن لها بعض الجوانب السلبية مثل: تضييع الوقت، وتفويت الصلاة والفروض والواجبات المدرسية، وزيادة القلق والتوتر لدى اللاعب.

 

تطور الأبعاد والذكاء الصناعي:

ودخلت بعض الألعاب مثل Nintendo و Sega في رباعية الأبعاد وخماسية الأبعاد، وأضافت الهواتف الذكية بيئة خصبة لانتشار استخدام الألعاب الرقمية. والحاجة إلى الذكاء الاصطناعي ليست فقط لصناعة اللعبة الرقمية؛ بل لتطويرها، وتمكين الآلة من تطوير نفسها، والمزج بين الواقع الافتراضي والواقع الحالي.

مثل تطوير ألعاب رقمية مع لاعبين شبه حقيقيين، وتشهد على ذلك قصة بطل العالم الروسي في الشطرنج في التسعينيات الميلادية من القرن المنصرم المدعو قاري كاسبروف الذي لعب مع دي بلو اللاعب الافتراضي (آلة) عام 96 ونافسه على الفوز، وشكك كاسبروف في نزاهة التحكيم رافضاً أن تنافسه آلة على الفوز، وفي عام 97 فاز دي بلو على كاسبروف بعد جولات تنافسية عظيمة. مما يدلنا على أن الذكاء الاصطناعي ثلاثة أنواع:

ـ  ذكاء اصطناعي مختار، وهو تنبئي، يُستخدم للتنبؤ والتحقق والاستشراف.

ـ ذكاء اصطناعي عام، وهو محاكاة الآلة لذكاء البشر.

ـ  ذكاء اصطناعي خارق، وهو تفوق الآلة على ذكاء البشر.

وأفلام الخيال العلمي حالياً تقوم على فكرة الذكاء الاصطناعي الخارق وخلق عالم جديد ومتجدد من الآلات.

ومن التوصيات المهمة لمسؤولي الكرسي في هذه الندوة التي أدلى بها بروف العمار:

ـ  تشجيع الأفكار الاستثمارية بحيث يكون اللاعب مطوراً أساسياً في اللعبة حسب الاحتياج.

ـ دراسة لوائح تنظيمية تشريعية لتقنين صناعات الألعاب ، تضمن سلامة استخداماتها وأمان الاستثمارات فيها.

 

الألعاب بين الخيال والواقع:

وتحدث أ. مشعل الوعيل: من يتعامل مع ألعاب القيمز ليسوا صغار السن فقط؛ والحقيقة تقول إن الألعاب أصبحت واقع حياة تعيشه كل المراحل العمرية بالمجتمع.

وفي شركة الرياض قيمز كنا نسير في منطقة ملغمة؛ لأنه لا يوجد نموذج إعلامي واضح نستشرف خطته ونسير على خطاها، ومستخدمو الألعاب لهم تواجد في منصات خاصة تهمهم وتجذبهم مختلفة عن المنصات الأخرى؛ وبوجود العولمة لا وطن يحكم انتشار ألعاب القيمز، وما أريد قوله: صناعة الألعاب الرقمية مجال واعد وينمو، ودخول مجال الإعلام فيه يشير إلى حجم الاستثمار فيه، ويعطي طوق نجاة للمؤسسات الإعلامية؛ لأن كثيرًا منها خائفة على علامته التجارية، ولا يمكن أن تجازف باسمها ومكانتها في السوق، بالرغم من أن توجهها لألعاب القيمز سيحقق لها مداخيل خيالية جداً. وعلى مستوى التأثير المجتمعي أريد قول: إن التأثير لم يعد كما كان في الماضي عن طريق أفلام أو مسلسلات أو دراما، التأثير حالياً يجب أن يكون فيما يشكل حيزاً كبيراً من حياة الأشخاص، وهو الألعاب الرقمية مثل: نموذج تنظيم داعش الرقمي.

ختم الدكتور د.مطلق المطيري بشكره للضيوف والمشاركين على هذه المعلومات والفوائد الجمة، وسمح للمداخلات التي تنوعت بين شكر وثناء وطرح لبعض الأفكار الاستثمارية في مجال صناعة الألعاب الرقمية وأفكار متنوعة أخرى في هذا المجال.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA