القدوة أكثر وسائل التربية تأثيرا في حياة الطفل
تعتبر القدوة في حياة الطفل من أفضل وسائل التربية وأشدها أثراً على الإطلاق؛ ففي السن المبكرة لا يتأثر الأطفال بالتلقين -الكلام الشفوي- إذا لم توجد أمامهم القدوة الصالحة، التي تترجم بصورة عملية المعاني المجردة.
مثال: إذا حدثت طفلاً عمره ثلاث سنين، لا تستطيع أن تكلمه عن المعاني المجردة؛ كالجمال والعدل والسماحة والكرم وهكذا؛ لأن هذه لا يدركها الطفل لأنها معانٍ مجردة، لكنه يدرك الأمور المحسوسة ويتأثر بها جداً.
القدوة هي أفضل وسائل التربية على الإطلاق، وأقربها إلى النجاح، فمن السهل تخيل منهج أو تأليف كتاب في التربية، لكن هذا المنهج يظل حبرا على ورق، ما لم يتحول إلى حقيقة تتحرك في واقع الأرض، وإلى بشر يترجم بسلوكه وتصرفاته ومشاعره وأفكاره مبادئ هذا المنهج ومعانيه.
إن القدوة إذا كانت حسنة: فإن الأمل يكون كبيرا في إصلاح الطفل، وإذا كانت القدوة سيئة، فإن الاحتمال الأرجح هو فساد الطفل، وقدرة الطفل على المحاكاة الواعية وغير الواعية كبيرة جدا، فهو يلتقط بوعي وبغير وعي كل ما يراه حوله أو يسمعه، فالطفل الذي يرى أباه أو أمه تكذب، لا يمكن أن يتعلم الصدق، والطفل الذي يرى أمه تغش أباه أو أخاه أو تغشه هو نفسه: لا يمكن أن يتعلم الأمانة، والبنت التي ترى أمها مستهترة: لا يمكن أن تتعلم الفضيلة، والطفل الذي يقسو عليه أبواه لا يمكن أن يتعلم الرحمة.
إذن فالوالدان هما القدوة والأسوة، التي يحتذي بها الطفل، وليس هناك شيء اسمه حصة تربية في البيت، ولن يحضر الوالد في وقت معين ويقول لولده «تعال لكي أربيك»، فهو في الليل والنهار يتربى بسلوكيات الأب والأم والأصدقاء، وسلوكيات الإخوة، والإعلام، فالتربية ليست وظيفة لها وقت دون آخر، وإنما في كل السلوكيات هو يتربى؛ لذلك ينبغي على الأب والمربي أن يكون في غاية الحذر من تصرفاته أمام الأطفال؛ لأنهم يتلقون منه سلوكياته شاء أم أبى.