برمج سلوكك بطريقة إيجابية
تتواكب علينا الحياة بحلوها ومرها، وتجتاحنا الأيام مترعة بالمسرات ومحملة بغيوم ماطرة من الآلام، ونحن نمضي فيها بتلقائية، دون أن نعطي لذواتنا التي تسكن في أعماقنا حقها من الحوار ولغة التبادل المعطاءة والبرمجة الفاعلة في الأداء المبدع، ونثريها بباقات لا تنتهي من ورود الأمنيات والتطلعات في استراتيجيات سلوكية متواترة من الاجتهاد والمثابرة في الحياة.
عند تلك البؤرة تتشكل مواطن الداء والدواء معاً، في تناثرات اللاشعور الساكنة فينا، وما تحمل من متضادات ولغة رمادية في التعاطي مع المواقف والحياة، وهنا تبرز فاعلية لغة التأمل وشفراتها في التعاطي مع الأنا لكسر كبتها في خط الأمان وعدم التضادات، وصقل نورانيتها بلغة الأمن والسلام مع الذات، وشحنها إيجابيا بالآمال والتطلعات وإزاحة الماضي بعيداً عن مسرح الحياة في لغة الهموم والانكفاءات وإيقاظ الحاضر في لغة العزم والتحديات، وهنا تبرز أهمية برمجة اللاشعور في ضوء معالجات تأملية مشحونة بالفكر الإيجابي وبرامجه في تغذية الذات سيكولوجيا، بحيث يغدو في دينامية تتوقد طموحا وإبداعات.
وانطلاقا مما سبق يجب إسكان الذات في ضوء قوانين الجذب والإيجابية مع الآخر والانسحاب من مواطن السلب أو بذل الطاقة في تحويل السلب إلى إيجاب، من خلال بذل طاقات التأثير في الآخرين من خلال الإيحاء الروحي والجسدي مع الآخر والخروج من دائرة القهر الذاتي والسلب في التعاطي مع الحياة، وهذا يقتضي ذاتا فاعلة حرة من الاستلاب، وإيجابية في طاقات التعاطي مع التحديات، ومتفائلة معطاءة في مواجهة مواقف الحياة.
لذا فإن الهندسة الفاعلة للذات تمنحك مساحات بلا حدود في قيادة عوالم اللاشعور نحو الإيجاب والعطاء، وتملك بمقتضاها السيطرة الفاعلة على منظومة أفكارك ومشاعرك من خلال توجيه تصوراتك وإدراكك نحو الإيجابية المطلقة ولغة الإبداع في الحياة، والتخطيط الفاعل لاستراتيجيات سلوكية منظمة، تشكل معطيات السلوك المنشود وتصيغ لك مهارات الأداء الإنسانية الإيجابية في ذاتك الخاصة وكذلك في ذوات الآخرين.
المصدر: كتاب هندسة الذات للدكتورة سعاد جبر سعيد