Skip to main content

" الرياض تكرس معادلة الند مع واشنطن"

عبد الملك محمد القباع
بقلم: عبد الملك محمد القباع
تم النشر في: منذ 9 دقيقة

 

جاءت زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إلى واشنطن لتؤكد أن العلاقة السعودية الأميركية دخلت مرحلةً جديدة عنوانها الندية والشراكة المتكافئة. لم تعد الرياض مجرد طرف يُخاطَب بل دولة تُصغي وتُستشار، وتمتلك من عناصر القوة ما يجعل حضورها ضرورة لأي معادلة تخص أمن المنطقة واستقرار الاقتصاد العالمي.

منذ عقود ارتكزت العلاقة بين البلدين على معادلة ضيقة تقوم على الأمن واستيراد النفط أما اليوم، فتطرح المملكة أنموذجًا مختلفًا يقوم على تنويع مصادر القوة، من الاقتصاد والطاقة والاستثمار، إلى التكنولوجيا والرياضة والقدرة على التأثير السياسي إقليميًا ودوليًا. في هذا السياق تأتي الزيارة كإطارٍ سياسي ينظم شبكة واسعة من المصالح المشتركة، بعيدًا عن منطق التبعية أو الاستجابة لضغوط أحادية.

تؤكد رؤية 2030 أن السعودية لا تبحث عن حماية من أحد بل عن شراكاتٍ تضيف لقوتها الداخلية زخمًا خارجيًا. فالدولة التي تعيد تشكيل اقتصادها، وتستقطب الاستثمارات والتقنيات، وتتحول إلى مركزٍ إقليمي للطاقة والرياضة والسياحة، تدخل أي حوار مع العواصم الكبرى من موقع من يملك البدائل والخيارات، لا من موقع من يخشى فقدان حليف أو رضا قوةٍ بعينها.

كما تكشف الزيارة عن إدراكٍ متبادل بأن أمن الشرق الأوسط لا يمكن هندسته من خارج المنطقة أو من دون دور سعودي مركزي. فالمملكة اليوم لاعب أساسي في ملفات الطاقة، وتهدئة التوترات، وصيانة أمن الممرات البحرية، والبحث عن حلولٍ سياسية واقعية لأزمات المنطقة. وهذا الدور لا يقوم على ردود الأفعال، بل على رؤيةٍ تستند إلى احترام السيادة وتوازن المصالح وفي المحصلة تثبت زيارة ولي العهد لواشنطن أن السعودية انتقلت من موقع «الشريك المحتاج» بالرغم من عدم حاجتها إلى موقع «الشريك الند». شريك يحدد أولوياته، ويفتح أبوابه لمن يحترم خياراته، ويستطيع في الوقت نفسه أن ينسج علاقات متوازنة مع الشرق والغرب دون أن يتنازل عن قراره السيادي أو عن مشروعه الوطني الطموح وأستشهد برد ولي العهد حين قال بأن المملكة لا تقوم بالاستثمار من أجل إرضاء الرئيس أو الدولة الأمريكية، بل تبحث عن الفرص التي تراها مناسبه وتتقدم وفق ذلك.

 

 

عبد الملك محمد القباع

عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية