قرأتُ في صحيفتنا الموقرة «رسالة الجامعة» العدد الصادر يوم الأحد 5/10/1437هـ - الموافق 10/7/ 2016م في صفحة «الرأي» مقالاً بعنوان «التخصص الجامعي مدخل لإدارة شؤون الحياة»، وبهذا الصدد أود المشاركة والإفادة ببعض النقاط التي تفيد الإخوة الطلبة المستجدين وخريجي الثانوية بمختلف فروعها، وتكون منطلقاً لحياة مليئة بالتجارب.
بداية، من الطبيعي أن يتبادر لذهن أي طالب في مرحلة الثانوية هاجس التخصص والدراسة الجامعية والتخرج، ويتأرجح شعوره بين الخوف والأمل، حول الدرجة الجامعية التي سوف يحصل عليها والوظيفة والوجاهة والسمعة و«الراتب»، وقد يتخيل نفسه في منصب مرموق ومكتب مجهز ومُكيّف، كل هذا طبيعي ومتوقع لكن المهم أن لا يبقى في عالم الأحلام والخيال، وأن لا يعتقد أن تحقيق كل ذلك يعتمد على الحظ أو الواسطة، بقدر ما يعتمد على توفيق الله أولاً ثم قدراته وحسن استغلاله لوقته وجهوده.
ما أريد قوله وتأكيده هو أن التخصص الجامعي ليس نهاية الطريق بل بالعكس هو بداية طريقٍ مملوء بالعقبات والتحديات، وكثيرون قد يتساءلون بشأن التخصص المناسب لهم ويلجأون إلى الغير كي يختاروه لهم، وبالتالي يرسموا لهم طريقاً من المفترض أن يكونوا أولى الناس في اختياره والسير فيه، لأنهم ببساطة هم من سيسلكونه وسيعلمون مدى التحديات التي تواجههم.
إخوتي الطلبة، أنتم من تحددون مصيركم والبداية تكون بدراسة أنفسكم والعلم الذين تجدون أنفسكم مستمتعين فيه ومتابعي مستجداته، فمنكم مثلاً من يملك حساً فنياً مرهفاً في «الكتابة، الخطابة، التقديم، التمثيل، الإخراج، الإنتاج»، ومنكم من يملك قدرات قيادية إقناعية قوية قد تفيدهم أولاً وتفيد مجتمعهم، فلا يبخلن على نفسه ووطنه بها.
ومنكم من يملك قدرات علمية وطبية مذهلة في التحليل والتركيب والاستنتاج، ومنكم من يملك قدرات إدارية لا مثيل لها ويعتبرها مجرد «هواية» تمارس في وقت الفراغ، ولا يدرك أن الهواية شيء والموهبة شيء آخر، فلو اجتمعت هوايتك وموهبتك في مجال واحد فاعلم أن هذه هي بدايتك لمشوارك الطويل في الحياة.
أغلق أذنيك وعقلك وقلبك عن كل من يُملي عليك قراراته باقتراحات قد تظنها في مصلحتك وهي على العكس تماماً قد تضرك أكثر مما تنفعك، استمع لصوت عقلك أولاً ثم استفت قلبك ولو أفتوك الناس، ولا مانع من الاستشارة لكن بعد اتخاذ القرار النهائي، لأنك في حال استشرت قبل اتخاذ قرارك فإن الخوف والتردد سيكون من نصيبك، كن قوياً وواجه التحدي بصلابة وعزيمة لأنك أنت المعني بالأمر فإما أن تكون الرابح أو الخاسر، فلا «تخسر» وكن «الرابح الأكبر».
أنا مثلاً كانت بدايتي أني اكتشفتُ قدراتي اللغوية في الكتابة وميولي للقراءة في الأدب القديم بالذات، وكنت أجد متعتي في القراءة واستخراج الكلمات العربية القديمة والمعاني الصعبة والغريبة وأحاكي أسلوب الكتّاب الذين أميل لهم في كتابة ما أرغب كتابته، ومع كثرة الممارسة طورتُ موهبتي «الكتابة الأدبية» منذ أن كنتُ في سن الـ 13 سنة وحين اقتربت من التخرج من الثانوية كانت أولى خياراتي للتخصص هو «اللغة العربية»، وبالفعل تخصصت بها لأجد أن هذا التخصص ليس «صعباً» أو «تعجيزياً»، كما كنتُ أسمع عنه سابقاً بل استفدت مما أدرسه في ممارسته وتقوية الجوانب الضعيفة حتى أصبحت مسألة التحليل والاستنباط تجري في عروقي، ومنذ ذلك الوقت إلى لحظة كتابتي لهذه السطور وأنا أُعتبر «المستشارة اللغوية» لعائلتي ومحيطي الاجتماعي.
قد يقول لي البعض: «هل وجدتِ وظيفة؟» فأجيب: «كل إنسان يصنع وظيفته بنفسه، وليس مجبراً على التعاقد أو التقيد مع جهة عمل ما، فهو من يملك الحق والقدرة على صياغة أسلوبه وصناعة وظيفته بطريقته وشروطه، ولا أدل على ذلك مما نراه من توظيف بعض المشاهير لقدراتهم وهواياتهم حتى جعلوها مجال تجارة ووظيفة لهم، رغم أن تخصصهم مختلف تماماً عما يعملون به، وهذا ما نراه في - تجار - وسائل التواصل الاجتماعي».
وكما بدأتُ مقالتي أختمها: «كُن أنت قائد نفسك لا تابعاً يطير بلا هدف».
لاما حسين المعجل
بكالوريوس لغة عربية
إضافة تعليق جديد