هذا بالضبط ما تمتمت به بعد انتهاء المحاضرة العامة التي نظمتها الجمعية السعودية للدراسات السكانية مؤخراً.
كان موضوع المحاضرة أولاً في غاية الأهمية وربطاً بما يتطلع له المجتمع الأكاديمي، وهو علاقة هيئة الإحصاء بالجانب الأكاديمي، أما اختيار المكان والوقت فكان ملائمًا أيضا، بالنظر إلى صعوبة إرضاء الجميع.
لن أدخل في تفاصيل المحاضرة، لكن أركز على نقاط أرى أنها جديرة بالتذكير، أما المحاضر فهو معالي رئيس الهيئة الدكتور فهد التخيفي، الذي قلب الصورة رأسًا على عقب شكلاً ومضمونًا، فلقد أثبت أن فينا من المسؤولين من هو جدير بتحمل المسؤولية ليس بكفاءة فقط بل بكفاءة مميزة.
أنا لا أعرفه وليس لي معه مصلحة، لكنني عرفته قبل المحاضرة بأيام من خلال بريد تواصل مع الهيئة، فرد علي خلال يوم، حول أمور تتعلق بعمل الهيئة وأهمية التعاون المؤسسي بين الهيئة والأقسام الأكاديمية، وهذا الرد السريع جعلني في حالة تفاؤل.
أما المحاضرة فكانت حول توضيح رؤية الهيئة للسنوات القليلة القادمة، وكانت رؤية أخاذة، مختصرة ومكثفة ومنطقية، والأجمل ليس فقط في الشعور بأن المحاضر مؤمن بها ومتحمس لها بل بإيمانه وإشادته بالفريق السعودي العامل معه –هكذا القيادة. تأكدت شفافيته من خلال واقعيته وحماسته لتنفيذ برامج عديدة عملت وما زالت تعمل عليها الهيئة، أي لم يكن يخاطبنا بطريقة «محنطة»، بل أشعرنا بأننا شركاء في العمل من خلال أدوات بيّن بعضها.
ما أورده من برامج وتجارب وتعليق جعلني أشعر إننا في الطريق الصحيح، من حيث أداء هذا الجهاز الحكومي المهم جدا، ومن حيث توثيق عرى التواصل بين الجامعات وبين الهيئة، وأكد على أهمية المقترحات، واعتبرها خدمة ثمينة للهيئة، وهذا بالضبط ما ننشده من أي مسؤول.
المواطن شريك فعلي في رسم الخطط التطويرية وتنفيذها، فالتفاعل البناء بين المسؤول والمواطن إما أن يرفع العمل أو يدفنه، وعليه لم يكن من الممكن مع هؤلاء المسؤولين في الهيئة وبهذا المستوى من الكفاءة أن يروا مثل هذه المحاضرات مجرد نشاط يكتب في تقارير روتنية لا تغني ولا تسمن من جوع.
نحن في الجامعات نعاني من الحصول على المعلومة شكلاً ومضموناً وحجماً، وما بينه المحاضر يشجع على التفاؤل بأن عصر سرية المعلومة وحجبها لا ينفع أحدًا، فإذا سلمنا أن المعلومة موجهة للقطاعات الحكومية، فالقطاعات الحكومية لن تكتفي فقط بمعلومة واحدة، وإنما في حاجة لمزيد تحليل وفحص من أكثر من منظور، وهنا يأتي دور الجامعات.
السؤال الذي أردت طرحه على الدكتور المحاضر –ولم يتسنَ لي ذلك لضيق الوقت- هو أهمية توفير بيانات تفصيلية للباحثين، البيانات العامة على مستويات مكانية منخفضة أو متوسطة لا تخدم البحث الصحيح، وفي أحايين عديدة لا يمكن إجراء أي بحث بدونها.
بقي، وحتى لا أطيل، كان الحضور مميزًا وهذا الذي يشجع أي محاضر على المشاركة في المحاضرات إلقاءً وحضورًا، وهذا الأمر مهم جدا لمن يريد أن ينظم محاضرة، فالهدف ليس ملء التقرير السنوي بالإنجازات الوهمية، وإنما بتحقيق الهدف الأسمى للقاء.
وفي الختام أتمنى للهيئة ولرئيسها والعاملين فيها كل التوفيق والسداد، فالحقيقة إنه لفخر أن تنتهج الهيئة العمل وفق أصوله منذ بدئها، وتنظر لزبائنها بنظرة الداعم وليس المتلقي وكأن الأمر «لا أريكم إلا ما أرى».
أ.د. علي معاضه الغامدي
إضافة تعليق جديد