التخرج إنجاز في طريق الحياة

يومٌ جميل ورائع وفرحة عارمة تعمُّ المكان من حولك، ترى كل شيء فيه مختلفاً، القمر ينظر إليك ويرمقك من بعيد والنجوم تتلألأ فوقك لتمسح ذكريات السنين وتطمس كل التكهنات وتلك القراءات والجثوم على الملازم والدفاتر والمقررات.

يومٌ تنسى فيه كل التعب والإرهاق، فهذا اليوم نتاج الجدّ والمثابرة، يوم يفرح الأهل والأسرة بإنجازك وتفخر بك وتنظر بزهو وتفاخر ويحق لها ذلك، وأنت تعتقد أنك بذلك بلغت عنان السماء.

التخرج هو حصاد لما مضى وفات والاستعداد لما هو آتٍ، وهو من المراحل الفارقة في حياة الفرد والتي بموجبها سيرسم دربه المستقبلي، ودليل على قدرتك على تخطي العقبة الأولى في مسيرة الحياة العملية.

ولكن تأكد أن أمامك الكثير من العقبات، لكن بسلاح العلم والمعرفة والمهارات التي اكتسبتها ستكون قادراً على تخطي كل العقبات المستقبلية الحتمية، فهناك عقبة البحث عن وظيفة في زمن التنافس الكبير.

التخرج يعني البحث عن مهارات جديدة تجعلك تدخل لسوق العمل وتبرز نفسك متسلحاً بالعلم المهني والإمكانيات الدقيقة والجديدة لمواجهة ذلك، التخرج يعني البحث عن شريك الحياة عن معنى الحياة عن المأوى والاستقرار النفسي والإشباع العاطفي في زمن أصبحت التكاليف تتربع على القمم.

التخرج يعني البحث عن سكن، عن بيت، عن منزل وأمل، وهو بداية ترجمة حقيقية لحياتك القادمة، يعني أنك أمام مهام جسيمة، فلم تعد بحاجة لتلك المصاريف فأنت الآن سيد نفسك وعليك إثبات وجودك، فلقد خرجت بكل وضوح من تحت عباءة الأهل.

إنك اليوم على أبواب مرحلة اتخاذ القرارات الصعبة المستقبلية المبنية على توجهاتك وطموحك، عليك أن تكون مُتميزاً ومختلفاً عن الآخرين وليس من الشرط المشي على درب أسلافك وأقرانك فلقد خُلقت لزمن غير زمنهم، فالوظيفة الحكومية ليست انتصاراً، فلربما أهدرت سنين عمرك انتظاراً لها كي تتحول إلى آلة فقط تقضي على طموحك وأفكارك!

لا تيأس إن تأخر تحقيق الطموح، فالجبال العالية تتطلب تسلقاً وجهداً كبيرين ستجد من يقاسمك هموم المرحلة، لكن لا تتوقف في تغذية طموحك بالخبرات والمهارات الجديدة، ومهما كانت صغيرة وذات تفاصيل مملة فقد تكون ملهمة لك، وهناك آلاف الدورات في شتى المجالات لكن ربما تجد عبارة واحدة من دورة واحدة قد تقلب كيانك رأساً على عقب.

حاول تنظيم وقتك فهو أساس النجاح وهو المقياس في الإنجاز، لا تماطل وابتعد عن العشوائية في حياتك وفي اتخاذ القرارات ولا تختلق الأعذار، وأبدأ سُلّم النجاح خُطوة خطوة فهو لا يعترف بالخوف والتردد والشك والاستعجال والركون على الغير!

ختاماً عليك أن تظل قائماً بقوتك مُكافحاً بجهدك، تعرف جيداً ما تمتلك من قدرات ومهارات، استثمرها جيداً، سوّق نفسك بنفسك، لا تنتظر واسطة من أحد، ولا تلتفت أبداً للمعوقات والمعوقين، تحلى بالنظرة الإيجابية للحياة، اقتنص الفرص فقد لا تتكرر، ابحث عن الجديد لتكون جزءاً منه لا عليه، ومبارك عليكم التخرج.

فيصل أحمد الشميري

كلية علوم الأغذية والزراعة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA